قانون انتخاب الـ89 لا يستقيم العام 2012.. وماذا عن مخرجات لجنة الحوار الوطني؟
جفرا نيوز - جهاد المنسي
حسب التصريحات التي يطلقها رئيس الوزراء عون الخصاونة حول شكل قانون الانتخاب الذي تفكر فيه الحكومة، فإن الخصاونة يميل إلى تكرار وإعادة إحياء قانون الانتخاب التي جرت بموجبه الانتخابات النيابية العام 1989 إيذانا بالتحول الديمقراطي.
الرئيس الجديد كان اعتبر في أكثر من موقف أن قانون الانتخابات الذي شُكل بموجبه مجلس النواب حينذاك جيد، ويمكن أن يجد قبولا كبيرا من مختلف الأطراف.
الرئيس الخصاونة، تحدث عن قانون جرت تجربته قبل أكثر من 20 عاما، وبعده أوجدت الحكومات المتعاقبة قوانين انتخاب مختلفة، كان بعضها دخيلا بمجمله على الحياة الديمقراطية، وبعضه ربما كان اختراعا أردنيا خالصا.
نافلة القول، إن تلك القوانين التي جرت بموجبها الانتخابات ما بعد مجلس العام 1989، أدت إلى تراجع منسوب الإصلاح على نحو ملحوظ، ونكوص التجربة الحزبية، وتجميد الديمقراطية بدون أي فعل يشي برغبة في إعادة الحياة لها.
الأمر لم يقف عند هذا فحسب، بل إن قوانين الانتخاب التي تم اجتراحها من الصوت الواحد، والدوائر الوهمية فعلت في المجتمع فعلها السلبي، فأدت إلى ارتفاع منسوب الجهوية والفردية، والشللية، والابتعاد عن الحزبية.
وهنا سادت روح العشيرة والجغرافيا، فابتعد الناخب عن الفكر النيابي الديمقراطي الذي تلخصه سيادة دولة القانون والمؤسسات.
خلال الـ20 عاما الماضية وبدلا من أن نطور أدواتنا الديمقراطية، ونقطع أشواطا باتجاه الإصلاح، تراجعنا بفعل قوانين انتخاب قاصرة وضعت من قبل جهات لا تؤمن لا بالديمقراطية ولا بالإصلاح، وإنما كان هدفها الوصول إلى مجلس نيابي من لون واحد، وعدم ترك مجال لقوى المجتمع الحية الوصول لكرسي البرلمان، وبأعداد قليلة غير مؤثرة، فكانت النتيجة مجالس نيابية "ديكورية لا تسمن ولا تغني من جوع".
بعد كل هذا الوقت وإثر ارتفاع نغمة القول بالعودة إلى قانون انتخاب 89 يمكن أن نسأل الحكومات المتعاقبة، ونكون ممتنين لو وجدنا الجواب لدى الحكومة الحالية، باعتبار أن العمل التنفيذي تكاملي، وأن الحكومات تكمل بعضها بعضا، سؤالنا البسيط، "لماذا تم تعديل قوانين الانتخاب خلال المدة الماضية؟ ولما جرى اجتراح قوانين جديدة، ما نزال نعاني من أثرها السلبي حتى الآن، كالدوائر الوهمية والصوت الواحد وما بينهما؟"، وهي كلها أدت إلى تراجع ثقة المواطن بمجالس النواب، وبالحزبية وبالحياة السياسية والديمقراطية.
أليس من حق المواطن أن يعرف ويسأل الحكومات المتعاقبة عن سبب ما حصل، ولماذا أُتي بقوانين انتخاب فعلت بديمقراطيتنا التي ولدت قبل 20 عاما فعلتها، وأدت بنا إلى الانتظار كل هذه المدة لكي نعترف بضرورة وضع المسار الديمقراطي على طريقه الصحيح.
هي أسئلة تلوح في البال، وينتظر المواطن أجوبة شافية عليها لمعرفة الجهة التي وقفت أمام تطور الديمقراطية طوال تلك المدة، وما الذي تغير الآن حتى يقال إن "قانون انتخاب 89 يمكن أن يكون بديلا واقعيا للحالة الأردنية".
الرئيس الخصاونة ميال لقانون 89، وسؤالنا الموجه لدولته، لماذا نريد بعد أن جمدنا ديمقراطيتنا مدة 20 عاما أن نعود إلى الوراء ونضخ الحياة في قانون جربناه سابقا.
ما سبق لا يعني أن القانون المشار إليه أسوأ من قوانين الدوائر الوهمية والصوت الواحد، وإنما هو أفضل بكل تأكيد، واستطعنا من خلاله أن نفرز مجلسا نيابيا قويا وفاعلا ما زلنا نذكره بالإطراء حتى الآن.
عفوا دولة الرئيس، قانون انتخاب 89 لا يستقيم العام المقبل، وإنما على الحكومة والدولة بمؤسساتها المختلفة أن تبحث عن شكل جديد لتطوير الحياة الديمقراطية، ووضع روافع لها.
لماذا لا نجرب النسبية مثلا، ونأتي بقوانين تمثل الكل، بحيث تعطي نفس القوة التصويتية للجميع؟ ما هي مشكلة القانون الذي اقترحته لجنة الحوار الوطني؟ لماذا أنشانا لجنة الحوار، وكلفناها باجتراح قوانين انتخاب وأحزاب، ثم بعد ذلك نخرج ونتحدث عن اقتراحات جديدة، وبدائل لما اقترحته اللجنة؟ هل كنا نضيع الوقت؟ هل كان تشكيل لجنة الحوار الوطني ترفا فقط؟ لماذا شكلناها؟ هل كنا نريد القول إن لدينا لجنة للحوار وإننا سائرون في طريق الإصلاح؟
شعبنا يستحق قوانين انتخاب تمثله سواء أكان في الصفاوي أم حرثا أم البقعة أم الوحدات، أم ديرعلا. قانون انتخاب يعرف المواطن بموجبه أن صوته لا يضيع، وأن ذاك القانون سيفرز مجلسا نيابيا قويا وفاعلا.
نريد إصلاحا حقيقيا، وهذا لا يتم بدون إصلاح المنظومة الانتخابية والتشريعية بشكل كامل، وتقديم قانون يمثل الجميع، ويؤمن مشاركتهم بالقوة التصويتية نفسها، بحيث لا يضيع أي صوت.
لجنة الحوار لم تشكل ترفا، ولم يجرِ الإعلان عنها لأجل التقاط الصور التذكارية، وإنما كان أمامها أهداف واضحة ومحددة، خرجت بها وقدمتها للرأي العام، ومن أبسط الأمور أن نأخذ بما قدمته اللجنة أو على أقل تقدير بجزء منه.
فاللجنة ترأسها شخصية تحظى بالاحترام والتقدير من كل فئات المجتمع سواء أكان من أحزاب معارضة أم قوى حراك مجتمعي مختلفة، وهو استطاع أن يضع الحد الأدنى من التوافق المطلوب في المخرجات، فأعلن عما توصلت إليه من توافقات بالإجماع، وبحضور ممثلين لأحزاب معارضة ووسطية، وقوى مجتمعية مختلفة، وساسة، ونواب سابقين، وشخصيات عامة.
أمام كل ذلك فإن الأولى أن نأخذ بما قدمته اللجنة وخا