الملك من الجنوب ..... كلا
جفرا نيوز- كتب الدكتور عبدالمهدي القطامين
اختار الملك عبدالله الثاني ان يبدأ جولاته الداخلية التي تمثل مرحلة جديدة من البناء الداخلي من مدينة العقبة وهي مدينة اثيرة لديه بعد ان امر بتحويلها الى منطقة اقتصادية خاصة مطلع الالفية الثالثة لموقعها الاستراتيجي المميز على البحر الاحمر واحتوائها على العديد من الصناعات اضافة الى كونها القبلة السياحية الاولى لابناء المملكة والعديد من الاسواق السياحية في مختلف دول العالم وقربها من البتراء ووادي رم اللتان تعتبران من اهم المعالم السياحية الاردنية .
توجيهات الملك كانت واضحة حين التقى القطاع السياحي وخاطب الجميع :انتم تجلسون على كنز " وهذا الكنز يحتاج الى الاكتشاف والتسويق والترويج ودعا الملك خلال يومين الى تشكيل لجان مختصة تعمل على النهوض بالقطاع السياحي من العاملين فيه سواء في القطاع الحكومي او القطاع الخاص لاعادة الروح الى هذا القطاع الذى تلقى العديد من الصدمات خلال موجات الربيع العربي وساهم في ذلك ايضا ضعف المنتج نفسه والعديد من المعيقات التي عانى منها القطاع وما زال .
ما شدني كمراقب ومتابع للحدث ليس توجيهات الملك المتعلقة بتطوير العمل والانتاج لكن العبارة التي اطلقها الملك اثناء تحدث رئيس المجلس المحلي في محافظة العقبة والذي كان يتحدث عن صفقة القرن والتحديات السياسية التي تمر بها البلاد فقد قالها الملك بصراحة ...كلا وموقفنا واضح للجميع هذه الاشارة الملكية تحتاج الى تحليل مقنع وسط الكثير من التحليلات التي تعج بها مواقع التواصل الاجتامعي ووسائل الاعلام الغربية والاسرائيلية والتي تشير ان صفقة القرن واقعة لا محالة وان اول الخاسرين هو الاردن الذي ترك وحيدا يصارع وسط امواج مضطربة ...هذه العبارة الصريحة الواضحة التي لا لبس فيها تشير الى ان الملك قرر ان يقاتل وحده كملك ومعه شعبه ضد الاطماع التوسعية التي تومي لها دولة الكيان الاسرائيلي مدعومة بالادارة الامريكية الحالية التي تجهر بعدوانيتها لكل ما هو مقدس عند العرب والمسلمين وتذكرني هذه الكلا بلاءات الملك الثلاث التي اطلقها قبل فترة بخصوص تصفية القضية الفلسطينية على حساب الاردن وعلى حساب قيام الدولة الفلسطينية على حدود 67 .
هل اطلاق الملك كلا من الجنوب له دلالته المكانية والزمانية .... القاريء للتاريخ يدرك ان هناك دلالة عميقة بين المكان والزمان فعلى بعد خطوات من المكان الذي اطلق الملك عبدالله فيه كلا يجثم بيت الشريف الحسين بن علي مفجر الثورة العربية الكبرى الذي غادر منه الى المنفى في قبرص بعد ان اخل الانجليز بتعهداتهم في قيام دولة عربية كبرى تحتل الشام منها حيزا واسعا ... اذن الملك يدرك جيدا ان الامتداد الهاشمي ليس عابرا في التاريخ والجغرافيا بل هو مسكون بهاجسهما وهو يدرك ان اي عبث بهذا التاريخ مآله الندم واطلاق كلا في وجه صفقة القرن بتفاصيلها على الاقل التي رشحت من هنا او هناك هو انحياز مقدر لهذا التاريخ حتى ولو تخلى العالم كله عن الاردن ودفعته الظروف ليظل وحيدا يقاتل من اجل عدم ضياع ما تبقى من فلسطين مرة اخرى والمحافظة على المملكة الاردنية الهاشمية .
من يقول " واكثر الناس تشاؤما يقول ذلك " ان الاردن غير قادر على مواجهة ما يخطط له من تصفية للقضية على حساب الاردن وفلسطين هو لا يقرأ جيدا تاريخ العسكرية الاردنية ولا يقرأ جيدا تاريخ عساكر الاردن الذين ظلوا يقاتلون على اسوار القدس غير معنيين بهدن وقف اطلاق النار لقد استشهدوا وهم مقبلون غير مدبرين والملك عبدالله الثاني يدرك ايضا ان لديه شعب صعب المراس يمكنه الاعتماد عليه في الملمات واطلاق كلا من الجنوب الذي يشكل تاريخيا حاضنة الدولة له دلالالته التي لا تخفى على احد .
الدكتور عبدالمهدي القطامين
المدير التنفيذي لافاق الفكر للاعلام