أين تقع العاصمة عمان؟
جفرا نيوز - د. عبد الكريم محسن أبو دلو
ربما، يعتبر هذا التساؤل للوهلة الأولى بدهيا، ولكن البحث بعمق الإجابة يُظهر ارتباطه بإشكالية دستورية، حيث يقع الكثير بخطأ عندما يظنون أن عاصمة المملكة الاردنية الهاشمية هي محافظة العاصمة بألويتها المختلفة، فتغيب عن البال معلومة دستورية فحواها ما جاء بصلب المادة 3 من الدستور الأردني بأن (مدينة عمان عاصمة المملكة ويجوز نقلها إلى مكان آخر بقانون خاص)
وبذلك يثور هذا التساؤل حول تعيين الحدود الإدارية لمدينة عمان عاصمة المملكة الاردنية الهاشمية
تاريخيا كانت الإجابة على ذلك قبل عام 1995 سهلة وتتسق مع أحكام الدستور، إذ نصت المادة 2 من نظام التقسيمات الإدارية رقم 35 لسنة 1985 بأن تتألف محافظة العاصمة من المدن والقرى والعشائر التالية: أ- مدينة عمان ب- محافظة العاصمة بإستثناء مدينة عمان، وتحدد هذه المادة مناطق المحافظة، ولكن عندما تم إصدار نظام التقسيمات الادارية رقم 31 لسنة 1995 أُزيل مسمى (مدينة عمان) من المناطق التي تتألف منها محافظة العاصمة. وبالرجوع إلى نظام التقسيمات الإدارية رقم 46 لسنة 2000 وتعديلاته النافذ حاليا، تنص المادة 2 منه بأن (تقسم المملكة إداريا إلى المحافظات الآتية 1- محافظة العاصمة ومركزها مدينة عمان....).وتنص المادة 4 من النظام ذاته بأن (تتألف محافظة العاصمة من الألوية والأقضية الآتية أ- لواء قصبة عمان ومركزه العبدلي ويشمل مناطق أمانة عمان الكبرى التالية: 1- منطقة العبدلي 2- منطقة رأس العين 3- منطقة المدينة 4- منطقة زهران 5- منطقة اليرموك 6- منطقة بدر ب- لواء ماركا ... ج- لواء القويسمة ... د- لواء الجامعة ... هـ- لواء وادي السير...... و- لواء سحاب ........ ز- لواء الجيزة .... ح- لواء الموقر... ط- لواء ناعور ...).
كما تنص المادة 3/ج من قانون البلديات رقم لسنة 2015 بأن (يُقسّم مجلس الوزراء أمانة عمان الكبرى إلى مجالس محلية يحددها ويحدد عدد أعضاء كل منها بقرار يصدر عنه...)، وكان مجلس الوزراء قرر تقسيم أمانة عمان إلى 27 مجلس محلي (منطقة)، إضافةً إلى أنه تم عام 2012 استحداث بلديات مستقلة لمناطق سحاب والجيزة والموقر وناعور وأم البساتين وحسبان والعامرية وأم الرصاص بعد أن تم فصلها عن أمانة عمان. وبذلك تتكون محافظة العاصمة من أمانة عمان الكبرى وثماني بلديات
يتبيّن مما تقدم أن حدود محافظة العاصمة أوسع من حدود أمانة عمان. ولكن لا يوجد ضمن نظام التقسيمات الإدارية ومسميات مناطق أمانة عمان المعمول بها حاليا وحدة إدارية أو منطقة باسم (مدينة عمان)، خلافا لمقتضى المادة 2 من الدستور التي تتبنّى مسمى (مدينة عمان)، وخلافا لتقسيم بقية المحافظات التي تتضمن اسم المدينة مركز المحافظة وتنص عليها ضمن مناطق لواء القصبة. فمن الظلم لعمان ألا يوجد مسمى قانوني باسم (مدينة عمان) يعين حدودها الإدارية !
ولكن يوجد ضمن نظام التقسيمات الإدارية لواء قصبة عمان، وحيث نص النظام بأن مركز محافظة العاصمة هي مدينة عمان، وبما أن لواء قصبة عمان حاليا هو مركز المحافظة يكون بذلك هو فقط الأقرب إلى المقصود بالمادة الدستورية التي تحدد العاصمة بمدينة عمان، إذ لا يمكن اطلاق اسم (مدينة عمان) على كافة ألوية محافظة العاصمة. فمدينة عمان جزء من محافظة العاصمة وبالتالي تخرج بقية ألوية المحافظة الثمانية الأخرى من نطاق الحدود الإدارية للعاصمة بالمعنى الدستوري
وعليه، ولما لتعيين حدود العاصمة من آثار دستورية وقانونية مهمة، خاصة عندما ينص الدستور وبعض القوانين على أن يكون مقار الهيئات أو المؤسسات المنشأة بموجبها في العاصمة، فإنشاء هذه المقار خارج حدود العاصمة (مدينة عمان) يعتبر مخالفة دستورية. فمثلا تنص المادة 58/1 من الدستور بأن تنشأ بقانون محكمة دستورية يكون مقرها في العاصمة، ولكن عمليا يقع مقر هذه المحكمة الحالي في منطقة تلاع العلي ويشكل ذلك مخالفة دستورية، لأن منطقة تلاع العلي تتبع لواء الجامعة من ضمن محافظة العاصمة ولكنها لا تقع ضمن مدينة عمان
وانسجاما مع النص الدستوري بأن مدينة عمان هي عاصمة المملكة الاردنية الهاشمية وأنه يجوز نقلها إلى مكان آخر بقانون خاص، وفي ظل التوسع العمراني والاقتصادي وانتشار المقار الملكية والحكومية والدولية بمختلف أرجاء محافظة العاصمة ولما تُمليه هذه الضرورات، اقترح ضرورة إصدار قانون خاص بالإستناد الى المادة 2 من الدستور باسم (قانون عاصمة المملكة الاردنية الهاشمية) يُعين هذا القانون الحدود الإدارية لعاصمة المملكة، وبحيث يتم توسعة هذه الحدود من نطاقها الحالي المقتصر على مدينة عمان لتشمل بقية ألوية محافظة العاصمة، وأن ينص بهذا القانون أيضا بأن تكون في العاصمة مقار الحكم والحكومة ومجلس الأمة والمجلس القضائي والهيئات الدبلوماسية والسياسية