الحكمة هاشمية

جفرا نيوز ـ كتب : الدكتور عبدالمهدي القطامين   
سنون عجاف مرت ومنطقة بلاد العرب اوطاني تسوق خارجيا على انها بلاد التطرف والارهاب عبر ماكينات اعلامية تديرها وتشرف عليها جحافل صهيونية مختبئة خلف ازرار وسائل التواصل الاجتماعي تصور ارهاب البغدادي وذبحه الناس على الهوية حتى غدا العربي المسلم صورة حقيقية للشيطان المنفلت من عقاله ومع الاسف ساهمت وسائل اعلام عربية في الترويج لهذه الوحشية دافعة الناس للتصديق ان داعش هي بضاعة عربية مسلمة وان الاخرين هم حمائم السلام ورمزه ليبرز كاتب صهيوني اسمه افخاي درعي ويصول ويجول منافحا عن حق اسرائيل في العيش وسط عالم داعشي يحيط بها احاطة السوار بالمعصم . وفي ظل غياب الصوت المعتدل الموضح لحقيقة ما تعيشه المنطقة من ازمات سببها الرئيس هذا الكيان المشوه المعتدي المتطرف تشكلت قناعات لدى الرأي العام العالمي وتحديدا الاوروبي مفادها ان الارهاب المسلم يشكل خطرا على العالم وينبغي مقاومته فيما استغلت النخب العربية الحاكمة هذا المنطق لتشدد الخناق على شعوبها تحت ذريعة ان لا صوت يعلو فوق صوت مقاومة الارهاب . لعل الملك عبدالله الثاني هو اول زعيم عربي يلتقط كل هذه التناقضات ويحملها معه الى برلمان اوروبا ليخاطبهم بالحجة والمنطق بلغة يفهمونها جيدا ويضعهم امام مسؤولياتهم التاريخية ويصحح المفاهيم التي غرسها الاعلام في عقولهم عن ازمات المنطقة وتداعياتها وضياع اجيال وسط ركام الحروب والفوضى والدمار الممنهح سواء كان بايدي عربية او بايدي ايرانية وامريكية على السواء . خطاب الملك عبدالله الثاني لم يكن خطابا عاديا يمر عنه بسهولة فقد كان خطابا جامعا مانعا موضحا مناقشا لواقع الحال ومشخصا لتداعياته ومثل هذا الخطاب من المفترض ان يكون موجها وملهما للدبلوماسية العربية التي مرت بسنين بائسة من التردي فيه وجهت سهامها لذاتها وسادت اجواء داحس والغبراء في صراعات دونكيشوتية اختلط فيها الحابل بالنابل في خطاب الملك بدا بوضوح انه يعرف ما يريد والى اين يتجه وقد ساءه عبثية صراعات المنطقة فحمل هموم كافة المتصارعين والمتحاربين وقال للغرب بوضوح ان ما يجري منشأه خارجي وان يد اسرائيل الخفية ومعها حليفتها اميركا وربيبتهم ايران هي المحرك الرئيس لكل ما يمور به الاقليم من صراعات فالملك لم يحمل الهم الاردني الذي ارخى بثقله بقوة على معيشة الناس لكنه حمل هموم الامة كلها والقاها دفعة واحدة على طاولة الاوروبيين قائلا لهم ....هذا هو الحال ان اردتم ان تهدأ احوال المنطقة التي تقع بعض اقطارها على مرمى حجر من المتوسط الذي اصبح بحرا مفرقا بعد ان كان واصلا للحضارات ومعبرا لحوار الشرق والغرب بعيدا عن لعنة الحروب واثمانها الباهظة . باعتقادي ان الرأي العام الغربي سيكون مختلفا عما كان عليه قبل خطاب الملك فالغرب اكثر المتضررين من عدم استقرار المنطقة واعتقد ايضا ان على الدبلوماسية العربية ان تبني على ما طرحه الخطاب وان تبدأ من حيث انتهى الملك فقد علق الملك الجرس وعلى الامة ان ارادت ان تخلص من مازقها تبني خطاب العقلانية فقد باتت الحكمة هذه الايام حكمة هاشمية .
الدكتور عبدالمهدي القطامين المدير التنفيذي لمركز افاق الفكر للاعلام