هل يهدد الإنحلال الأخلاقي مجتمعنا ؟
جفرا نيوز - وجدي الجريبيع
نعم ....هناك إنحلال أخلاقي يتغلغل بشكل رهيب في مجتمعنا الأردني و يهدد كيانه ويسعى لتدميراللبنة الأٍساسية في تكوينه وهي الأسرة
الفيديوهات الغير أخلاقية التي إنتشرت مؤخراً لشاب وفتاة يقومون بفعل فاحش في الشارع العام ولفتاة أخرجت جسدها من سيارة تكسي وترقص بشكل يوحي أنها تحت تأثير مشروبات روحية وقبلها حفلة (قلق) وغيرها من وأحداث إنتشر عبر وسائل التواصل الإجتماعي ليست سوى عينة بسيطة جدا مما يحدث في شوارعنا وحدائقنا العامه ومواقف السيارات وفي محيط بعض الجامعات الحكومية والخاصة ، ولا نستطيع أن ننكر عدم حدوث ذلك أو نغطي عليه حفاظاً على سمعة البلد
نحن اليوم أمام أزمة أخلاق يعيشها المجتمع نتحمل مسؤوليتها جميعاً ، الأسرة و والمدرسة والجامعة ودور العبادة والإعلام ، وباتت هذه الأزمة ظاهرة خطيرة تؤثر بالسلب علي تعاملات بني البشر وتهدم حضارات وثقافات وعادات كنا قد تربينا عليها منذ الصبا والطفولة ، وهي من الخطورة بمكان حيث تقضي علي تماسك وأمن المجتمع بكافة الأشكال والصور
كيف نعالج هذه الأزمة ؟
إعترافنا بالأزمة نصف الحل والبحث عن حلول يتطلب منا التركيز على أساسيات منظومة التربية في مجتمعنا وأولها هي مؤسسة الأسرة ،و التي يقع علي عاتقها دور كبير في الممارسة الصحيحة للسلوك المستقيم للأبناء ، وهي المسئول الأول عن تنامي ظاهرة الانحلال الأخلاقي التي بدأت تظهر للعلن في شوارعنا.
إن ما نراه اليوم من بعض الشباب والفتيات من انحلال يبدو واضحا في طريقة اللباس و السلوك الذي يدل علي غياب دور الأسرة في الاهتمام بالقيم الدينية والأخلاقية لدي هؤلاء الشباب ، وترك مسؤولية التربية للقنوات الفضائية ومواقع التواصل الإجتماعي والإنترنت وغيرها من ملهيات الحياة مقابل السعي وراء لقمة العيش وحجة تلبية مطالب أبنائهم التي لا تنتهي من مأكل ومشرب وملبس ، ورغم أهمية و ضرورة ذلك إلا أنها ليست مبررا لمنح الثقة لشاب مستهتر وفتاة متبرجة ،فتلك حجة واهية للأهل الذين كان الأولى بهم الإهتمام بغرس القيم الدينية في نفوس أبنائهم وتربيتهم على الأخلاق الحميدة ومتابعتهم بالحد الأدنى من المسؤولية على الأقل ، وتوجيههم ومراقبتهم من خلال مصادقتهم والاقتراب منهم وكسب ثقتهم و الاهتمام بغرس القيم والفضائل في نفوسهم ليكونوا شبابا صالحين تفخر بهم أمتهم وينهض بهم وطنهم.
وإضافة إلى الأسرة يأتي الإعلام بكافة أشكاله كعنصر مؤثر في تربية الجيل الجديد ، ويتهم البعض يتهم وسائل الاعلام الغير مسؤولة بأنها من أسباب الإنحلال الأخلاقي في المجتمع رغم وجود تيار و رأي مهم يرى أنها ذاتها تملك القدرة علي علاج هذا الإنحلال .
هناك أثر سلبي للعديد من وسائل الاعلام خاصة في مجال الدراما والأفلام وبرامج الواقع والإعلام المجتمعي و التي توحي للشباب بأن بعض السلوكيات والإختلاط وعلاقتهم مع والديهم وتصرفاتهم في الشارع جزء من التحضر والرقي وأساس في البناء الفكري لهم ، وتعمل هذه المنظومة السيئة على الهدم أكثر من البناء من خلال التركيز على جذب الجمهور بغض النظر عن نوعية ما يقدم مستغلين أن أغلب الشباب يجري وراء الغريزة ويسعد بتلك المشاهد الجنسية التي وصلت حتي إلى الإعلانات.
إن من الخطأ الجسيم أن تنساق وسائل الاعلام وراء الجمهور وغرائزه بدلا من أن تهذب هذه الغرائز بما يخدم قضايا المجتمع دون أن تلهث وراء اشباع الغرائز بدعوى تلبية رغبات الجمهور في الظاهر وهي في الباطن تسعى للربح. ويتسم الاعلام الراقي بمخاطبة العقل وليس الغرائز ولكن لأننا لا نستطيع فرض رقابة شاملة علي هذا البث غير الاخلاقي لأنه لا يوجد لأحد سلطة علي تلك الفضائيات فإن الحل يكون بتحصين الجماهير حتي يكون لديها مناعة يتم ذلك من خلال المؤسسات التربوية والتعليمية والاعلامية والتنشئة الاجتماعية فالاعلام أحد هذه المتغيرات ولكنه ليس المتغير الوحيد رغم تأثيره الطاغي لذا فالواجب ان تتضافر جهود الإعلام مع باقي وسائل التربية فمهما بنينا في غياب الأخلاق فكل ما بنيناه سينهار .
و علينا أن نعيد للمسجد دوره الريادي في حياة المسلمين وقلوبهم ، وتربية الأبناء روحيًا وأخلاقيًا واجتماعيًا من خلال المنابر التي تقع على من يعتليها مسؤولية التوعية والتثقيف بالأخلاق ، كما يجب علينا أن نعيد الدور التربوي للمدرسة وليس التركيز على جانب التعليم فقط، وحشر المناهج في رؤوس الطلبة، لذلك وجب على المدرسة أن تقوم بدورها في مجال التربية الأخلاقية، ويتحقق ذلك جلياً في تخصيص مادة تعنى بالتربية الأخلاقية و تدرس كمادة مستقلة وليست مدمجة في مواد أخرى كثيرة .
وإستكمالاً للأدوار السابقة لابد من إيجاد متطلبات جامعية إجبارية تعنى بالأخلاق والقيم الصحيحة في الجامعات وتعزز الانتماء و تحارب فقدان الهوية لدى الشباب .
وختاماً لابد لنا من التوقف طويلاً أمام ما يحدث في مجتمعنا الذي بدأ يفقد العديد من قيمه الدينية والأخلاقية والتي بدأت تسلب منا ثروتنا الحقيقية وهي الشباب ، فإذا ضاع هذا الجيل ضاع مستقبلنا وأًصبحنا بلا هوية ،تائهين في غياهب الإنحلال الديني والأخلاقي وفقدان هويتنا ..