تعاطي الخصاونة مع النواب قد يخرجه من أزمة الشارع المحتقن

جفرا نيوز - محمد خير الرواشدة  قراءة متأنية لأولويات الحكومة الجديدة، قد تمهد لملء فراغات الأجوبة عن أسئلة المرحلة، والتي وصفت على أكثر من لسان بـ"المرحلة الحرجة والحساسة" محليا.
ففي الوقت الذي ينشغل فيه الرئيس المكلف بالبحث عن "خلطة وزارية" تلبي طموح المرحلة، و"خطة حكومية" تكون البرنامج، الذي قوامه خروج البلاد من أزمة الجبهات المتعددة، فإن أعين المراقبين تتجه إلى الخطوة الأولى للحكومة بعد إعلان تشكيلتها وبرنامجها، والتي تعتبر من وجهة نظر مراقبين، الخطوة التي تحسم مدى "التفاؤل الحذر" بالخصاونة وحكومته، فالمنتظر والمأمول من الحكومة، "إعادة جمع الشارع الأردني على عناوين واحدة ومتصالحة أفقيا وعموديا"، وفق سياسي مخضرم.
ففي الخاطر أسئلة حول الأولويات على أجندة الحكومة، فمن جهة، تدق الدورة العادية الأبواب في 26 الشهر الحالي، والتي سيدخل الرئيس الجديد معها أتون حالة نيابية، لن تقتصر بدايتها على نيل الثقة من مجلس النواب، ولن تنتهي بمناكفات نيابية، الغاية منها "تقديم آخر بروفة استعراض قوى النواب"، بحسب مراقب.
من جهة أخرى، أمام رئيس الوزراء ملفات دسمة لا بد من التعاطي معها على أرضية خطب ود الشارع المحتقن، والاستجابة الى مطالب المعارضة المنضوية تحت شعارات أكثر من تيار سياسي، وأكثر من فئة مجتمعية.
وبين البينين، النواب والمعارضة، هنالك ما قد يؤثر على السرعة في إنجاز الملفات العالقة لدى الرئيس، في ظل اضطراره للقبض على "شعرة معاوية" بين طرفي الاحتقان المتبقيين، الشارع والنواب، خصوصا في ظل تيقن النواب أن الفرصة الأخيرة لهم في العودة إلى قواعدهم الشعبية، ستكون عبر "تحمير العين" على الحكومة، في آخر دورة عادية للمجلس السادس عشر.
وهو الأمر الذي يضيق على الرئيس الجديد وحكومته الآفاق، في سبر الملفات والدخول في طوابق الملفات الكبيرة والشائكة.
فعلى صعيد العلاقة الحكومية النيابية، هناك ملفات البلديات قانونا وانتخابات، وهي نار سيفتحها المجلس على الحكومة، في حين إن الجدل كله سينال ملفات مشاريع قوانين الانتخاب والأحزاب والهيئة العليا للإشراف على الانتخابات، والمحكمة الدستورية، ومن جهة أخرى، ينتظر الشارع قرارات تتفوق على أداء النواب وآفاقهم، والتي خذلت كثيرا من الفاعليات الشعبية.
لكن هذه الملفات أمام الحكومة، لن تنجز إلا عبر التشاركية مع المجلس، ويستدل المراقبون على أنها ستعطل على الحكومة سرعة الإنجازات التي تتطلع إليها، والوقت الذي ستخصصه الحكومة للسير بملفها الإصلاحي الذي يوصف بـ"الشمولي".
فأولى المؤشرات النيابية نحو الحكومة، هي نية الرئيس المكلف فتح باب التعديلات الدستورية من جديد، وتحديدا المادة (74) التي تتعلق بالسماح بتكليف رئيس الوزراء بإعادة تشكيل الحكومة، وهو ما رأى فيه نواب، نية مبيتة لحل المجلس من قبل الحكومة الجديدة.
هذه الالتقاطة النيابية، قد تفتح النار على الحكومة، وقد لا تكون حجة الرئيس المكلف مقنعة لدى النواب، حتى مع علمهم اليقين بأن الحل هو نهاية مطاف المجلس السادس عشر.
في حين ما يزال الشارع يراهن على حنكة وحكمة الرئيس القاضي، القادم من أعلى درجات المحاكم عدلا ونزاهة، بتحجيم كل قوى الشد العكسي والمصلحي، التي نظرت ذات مرحلة تتطلب مصلحة وطنية، إلى مصالح شخصية فقط.
في هذا المقام، يتساءل مراقبون ماذا لو استعصى النواب، وحاولوا مناكفة الحكومة، على أرضية الندية وتعطيل ملفاتها؟ فالمجلس بات ضرورة للمرحلة المقبلة، في حين إن أي أجندة خفية لنواب تعيق حكومة عون الخصاونة، من شأنها إدخال البلاد في منعطف جديد حاد وخطير.
ثم ماذا لو استعصى الشارع من جديد وضغط باتجاه المطالبة بحل البرلمان، عندها أي أفق سيكون أمام صانع القرار؟ فالحكومة المحملة بالأمل قد ينسحب عليها غضب الشارع المحتج على المجلس، والعلة ستظل في المادة (74) التي تقول بذهاب الحكومة التي تحُل المجلس.
عند هذه الحدود، قد ندخل في متاهة دستورية تنسحب آثارها السلبية على مستقبل الإصلاح الشامل، لذا فالمخرج الوحيد، هو التعاطي السياسي والحذر من قبل الحكومة مع المجلس، الذي بات الجميع ينظر إليه على أنه لا يمثل الشارع، لكن الضرورة زجت به شريكا في الخروج من عنق الأزمة الملتوي.
كما أنه مطلوب من 61 نائبا فقط، التحلي بأعلى درجات المسؤولية والتشاركية، والاستفادة مما تبقى من فرص لحفظ ماء وجه السلطة التشريعية.
وعلى الرغم من منح جلالة الملك عبدالله الثاني زخما جديدا للمجلس، عندما تعامل دستوريا مع مذكرته النيابية، التي كانت واحدة من الأسباب التي أطاحت بحكومة رئيس الوزراء السابق معروف البخيت، لكن الشارع ما يزال محتقنا على المجلس، ولم ينسَ مواقفه حيال ملفات إصلاحية، أعاق تقديمها.
ولقد تعاطت قوى سياسية تقليدية وأخرى معارضة بإيجابية مع الخصاونة، لكن مراقبين لا يجدون مهمته الرئيسة مع المجلس إيجابية، ولعل صرفه النظر عن توزير نواب، سيشكل بعدا من أبعاد توتر العلاقة بين السلطتين.
فالخصاونة وإن لم يسَع في لقاءاته التشاورية الى تسمية وزراء من الجهات المختلفة، لكن مقربين نقلوا عنه، خروجه بانطباعات أكيدة حول حقيقة شركاء المرحلة، ومن يجب إبعاده، ولو مؤقتا، عن ميادين الاحتقان.