الخَيِّر .... بيقول وبغَيِّر
جفرا نيوز ـ المهندس عادل بصبوص
ساعات فقط تفصلنا عن موعد إعلان تفاصيل برنامج العمل الذي سيعلنه رئيس الوزراء والذي يهدف بالدرجة الاولى إلى الخروج من الوضع الإقتصادي المتردي الذي تعيشه البلاد حالياً لتحفيز الإقتصاد وتحسين الظروف المعيشية للمواطنين، ضمن أربعة محاور رئيسية هي زيادة الأجور والرواتب، وتنشيط الإقتصاد وتحفيز الإستثمار، وتحسين جودة الخدمات المقدمة للمواطنين، والإصلاح الإداري والمالية العامة، وهي عناوين عامة كانت ومازالت تشكل الأهداف الرئيسية لكل الحكومات التي تشكلت خلال السنوات الماضية، والتي من ضمنها الحكومة الحالية التي أبصرت النور في حزيران من العام الماضي.
لا خلاف إطلاقاً على أهداف ومحاور خطة العمل الجديدة، وهي لا تختلف في أطرها العامة ومنطلقاتها عن تلك التي وردت في وثيقة مشروع النهضة الوطني التي وضعتها الحكومة الحالية "أولويات عمل الحكومة للعامين 2019-2020" والتي بشرت بنهضة وطنية بثلاثة أعمدة ومرتكزات هي القانون والإنتاج والتكافل، لذا نتساءل لماذا يتم وضع خطة جديدة قبل إستكمال تنفيذ الخطة الحالية، أين نجحنا وأين أخفقنا، هل كان الخلل في الرؤى والتوجهات العامة أم في المنهجيات وأساليب التنفيذ، لماذا كتب علينا في الأردن أن نضع الخطط والإستراتيجيات ونهلل لها، ثم سرعان ما نلقيها جانباً، كطفل مدلل يفرح ويبتهج بلعبة جديدة ثم يعرض عنها ويطلب أخرى جديدة وهكذا ....
لن ندخل في كافة حيثيات ومحاور الخطة الجديدة، لكننا سنتوقف عند محور زيادة الاجور والرواتب والتي ستشكل الإستحقاق الأبرز والأهم، فضمن هذا المحور ستتم زيادة رواتب جميع فئات العاملين منذ مطلع العام المقبل بما يسهم في التخفيف من غلاء المعيشة والظروف المالية الصعبة، مما يتطلب توفير موارد مالية إضافية بمئات الملايين من الدنانير، فمن أين ستدبر الخزينة هذه الأموال بعد شهرين فقط من الآن، خاصة وأن محاور الخطة الأخرى سوف تتضمن في الغالب تخفيضات وإعفاءات ضريبية وحوافز مختلفة لقطاعات إقتصادية متعددة، مما يعنى إنخفاضاً مؤكداً في إيرادات الخزينة في الأشهر الأولى من الخطة، ألم تبرر الحكومة رفضها قبل أسابيع إقرار علاوة المعلمين بعدم توفر المخصصات المالية وأن الموافقة على تلك العلاوة سوف تؤدي إلى إختلالات كبيرة في المالية العامة قد تقودنا إلى كارثة محققة، ما الذي تغير ..... إذا كانت زيادة رواتب المعلمين سوف تدفعنا إلى الهاوية .... أين سنكون إذن وقد تمت هذه الزيادة ثم تلتها زيادة رواتب المتقاعدين العسكريين .... وبعد شهرين ستلحق بهما رواتب كافة الموظفين ......
لا أحد ضد إنصاف موظفي القطاع العام ورفع رواتبهم، شريطة ان تكون خطوة محسوبة لا قفزة في الفراغ قد تؤدي إلى مفاقمة الاوضاع الإقتصادية والدخول إلى نفق مظلم يصعب الخروج منه، ألا يمثل تغيير التوجهات الإقتصادية الرئيسية بهذه السرعة فشلاً ذريعاً في تنفيذ التوجهات السابقة، كيف يمكن لمن دافع بشراسة عن طروحات ورؤى معينة، أن يتولى التسويق والترويج لرؤىً وطروحات مخالفة، من يضمن أن تكون الخطة الجديدة أفضل من الخطة السابقة، أو ليس الأولى أن يتم إعفاء من تولى قيادة دفة الإقتصاد خلال المرحلة السابقة من مناصبهم وتكليف آخرين ممن يؤمنون بالطروحات الجديدة فكراً ونهجاً وأسلوباً لإنقاذ البلاد والعباد .....
لن نستبق الامور وسوف نعتصم بالتفاؤل كما كنا دائما، وننتظر الخطة الجديدة فلعل القادم أجمل ...