الملكة رانيا العبدالله .... و سهام النقد غير المباح

جفرا نيوز - بقلم الصحفي الدكتور عبد المهدي القطامين
اطلالة الملكة رانيا على الناس عبر حسابها الشخصي على الفيس بوك اطلالة مقدرة تنبض بكلمات دافئة طالعة تماما من القلب الا ان حزنا شفيفا سكن النص ولامس مشاعرنا جميعا فهل كان واجبا ان تطل الملكة لتدافع عن سهام تراشقتها ذات اليمين وذات الشمال ...سهام نقد لم يكن مباحا ابدا ولا ينسجم مع اية فلسفة اخلاقية او مجتمعية
الملكة رانيا المنحدرة من اسرة متوسطة الحال وليس من طبقة مخملية برجوازية ربما كما يقول الكثير انها المستفيد الوحيد من دخول العراق الى الكويت في مطلع التسعينيات من القرن الماضي اذ اضطر هذا الدخول رانيا واهلها الى مغادرة الكويت الى الاردن الذي كان وما زال مأوى لكل الباحثين عن الامن في وطن عربي ما زال يقضم ابناءه ويسحلهم ويكمت انفاسهم وثمة متسع لشم الهواء بعيدا عن اضطرابات الامن في الوطن الاردني المتكيء على جبال تطل مباشرة على فلسطين مذكرة بجرحها النازف منذ النكبة وحتى الصفقة وكان قدر الملكة رانيا ان يعجب بها ملك الاردن ذات مساء كما اشار هو في كتابه وان يكون النصيب بينهما لتصبح الملكة رانيا ذات الاصول الفلسطينية ملكة للاردن الذي يسكنه الكثير من الفلسطينين ويعتبرونه وطنهم الاول بعد ان ضاعت بلادهم في غمرة التامر الدولي وتخاذل الامة عن نصرتها.
في الدستور الاردني ليس هناك اي مهمة لزوجة الملك باستثناء حصولها على لقب ملكة ولا يجوز لها باي حال من الاحوال ممارسة العمل السياسي او التدخل باي شأن عام باستثناء العمل الخيري التطوعي الذي لا يهدف للربح او تحقيق اي مردود مالي وهو ما فعلته الملكة رانيا كما فعلته سابقاتها من الملكات زوجات ملوك الهاشميين لكن الرأي العام الذي رفع وتيرة نقده غير المباح واتهاماته غير المثبتة عاب على الملكة انفاقها الباهض واهتمامها بعالم الازياء والموضة وتسوقها كما يقولون من المتاجر العالمية الشهيرة وهو الامر الذي نفاه الديوان الملكي ذات مرة واشار الى ان الملكة تستعير بعض ازيائها اعارة من دور الازياء في حين يتم ارتدائها تلك الازياء كهدايا من قبل بعض دور الازياء العالمية .
الاتهامات التي واجهتها الملكة كانت قاسية الى حد بعيد ولم تستند الى وقائع حقيقية مثبتة لكن التصديق الخيالي لكل ما ينشره الناس على مواقع التواصل الاجتماعي التي وصفها الملك عبدالله الثاني ذات تغريدة انها اصبحت وسائل للتقاطع الاجتماعي هذه التصديق جعل من الملكة هدفا مباشرا للرماية والحصول على اللايكات لكي يقال ان فلان جريء وانه نقد الملكة في رحلة البحث عن الشهرة للعديد من الباحثين عنها ولم تتوقف مثل هذه الاتهامات عند الملكة بل تجاوز ذلك الى توجيه الاتهام لاهلها وشقيقها وخالها بحجة ممارسة العمل التجاري والبزنس بدعم من ابنتهم الملكة التي قالوا انها كفيلة بحل اي عائق وان اوامرها دائما نافذة .
في ظل الزوبعة والاتهامية التي سادت مواقع التواصل الاجتماعي ظلت الملكة صامتة تستقبل سهام النقد غير المباح في الكثير من الاحيان بشجاعة ولم يقدم ايا من الناقدين والاتهاميين ما يفيد صدق اتهاماتهم سواء في الموضوع المالي او في موضوع التدخل في الحكم ولم تلجأالملكة الذكية الى تقديم ايا من المتهمين للقضاء وهو امر يحسب لها وللملك وليس عليها في حين ان صغار المسؤولين كلما هاجمهم شخص هرعوا للقضاء للمقاضاة بحق المتهمين .
من السهل في عالم الديجتال او العالم الرقمي كما يسميه البعض ان تستلقي على فراش وثير وبواسطة جهاز مربوط بالشبكة العنكبويتة ان تقول في الناس كل ما تريد وان تذم وان تسب وتشتم ثم بعد ذلك تغلق هاتفك وتنام دون ان يطالبك احد باثبات ما قلته او ان تدعم ما اشرت اليه بالوثائق التي غالبا تكون مفقودة او وهمية تعيش في عقل كاتبها فقط لكن في لحظة النوم تلك تكون تغريدتك قد طافت ارجاء الكون وصدقها من اراد ذلك ونفاها من اراد لكن الميل للتصديق اصبح هو الاصل بعد ان تاهت بوصلة الاخلاق واصبحت النقمة على كل شيء هي الاساس .
وربما تساءل احدهم ما العمل في ظل هذا الانفلات غير المسبوق في الخوض بخصوصيات الناس دون وازع من ضمير ومن ولماذا تم هدم منظومة الاخلاق لدى العامة والتي اباحت لهم مهاجمة الناس دون اثبات وهنا اقصد بالناس كل البشر من موظف صغير وحتى الملك والملكة واذا كانت الملكة تملك كل هذه السطوة واقصد في القطاع الاقتصادي الذي يروج له البعض فأن ذلك مؤشر خطير على ان صانعي القرار في المجال الاقتصادي يجب ان يقدموا للمحاكمة بتهمة تعاطي الفساد والتعامل معه وهذا يعني ان الامور اسندت لغير اصحابها ولمن تملكهم الشيطان والحنين للمال السحت والمال الحرام .
في الكثير من الجلسات الخاصة وشبه العامة اسمع الكثير من الكلام مفاده ان رانيا فعلت كذا وعملت كذا وان رانيا احكمت قبضتها على الحكم وانها تشكل بيضة القبان في توازنات الداخل وانها تدفع بحلقات ضيقة حولها الى سدة صنع القرار ومع ذلك ورغم كل هذا لم يقدم ايا من تحدث بذلك اي بينة على ما ذكر .
وبعد .
اشفق كثيرا على كل من يتولى المسؤولية العامة في هذا الوطن فالسهام من حوله تتناوشه وتطاله وتدميه لكنه يظل صامتا لا لعجز ولكن لان الانحدار الى ميمعة الحقد الاجتماعي في وسائل التواصل المزعومة غير لائق والردح لكل رادح امر بات غير ممكن وما لمن يردح لهم سوى الصبر والترفع عن صغائر الامور .