قصة المعلم ..بين الولي الصالح والمرتد
جفرا نيوز - خاص
عاجلا أم اجلا , ستنفرج أزمة المعلمين ... من المنتصر , ومن المهزوم , ومن الضحية ؟ ...كل هذه الأشياء سنعرفها حتما ....المنتصر الأول من الأزمة هو ناصر النواصرة , فقد رسخ نفسه كزعيم نقابي واجتماعي وسياسي على الشعب الأردني , وسيدخل التاريخ شئنا أم أبينا ..مثله مثل راشد باشا الخزاعي , وحسين الطراونة , ومثقال الفايز ...الأهم من كل ذلك أن النواصرة , لم يحتج لمسيرة طويلة من الإعتقال , لم يحتج لماض سياسي مليء بالمطاردات , لم يناضل في بيروت ..ولم ينتج من رحم الثورة , هو فقط وظف كتلة بشرية في صدام مع الدولة ..وفي النهاية الكتلة ستخسر والدولة ستخسر وهو المنتصر ...والسؤال إذا خاض النواصرة الإنتخابات النيابية القادمة في أي منطقة من العاصمة فهل سيكتسح أم لا !
الطرف الأكثر تضررا من المشهد هو المعلمون , فالعلاقة مع الدولة تحولت من علاقة رعاية وحوار , إلى علاقة ثأرية ..الحكومات القادمة لن تنظر بعين الإرتياح للنقابة , وستشكل علاقتها معها على قاعدة الشك ..وستقوم برصدها , والأخطر من كل ذلك أن النزول للشارع والصدام مع الدولة قد أنتج منها ملفا أمنيا مقلقا ...وهذا يعني : أن أي معلم سيرتكب خطأ ما في قادم الأيام , سيتم التشهير به من قبل الإعلام , وستقوم ماكنات الحكومات بتسليط الضوء على القصة ...وثمة شيطنة معدة في الذهن سيتم استخراجها في المرحلة القادمة , مرتبطة بالمعلم وشخصيته ...الشارع هو الاخر متقلب , فهو قادر على الإنقلاب في أية لحظة ...وكما هو معروف شوارع العالم العربي لا يراهن عليها , فالشارع الذي أتى بمرسي انقلب عليه , والشارع الذي صفق للثورة السورية , عاد ليشتمها , والشارع الذي احتفل بسقوط صدام حسين , عض أصابع الندم فيما بعد .
الشارع الأردني متقلب , غير مستقر في مزاجه ...والحكومة الحالية هي أكبر دلالة , فالذين صفقوا للرزاز , ووصفوه بالنظيف , هم ذاتهم من عادوا للإنقلاب عليه بعد شهر واحد ..ووصفوه بالضعيف .
من سيدفع ثمن المرحلة القادمة هو المعلم , فهم لم يسمحوا برأي ثان ..فإما مع المعلم وإما أنك كافر , وتلك أخطر صفة تصيب الإنتفاضات الشعبية ..حين تغلق ذهنها على رأي واحد ...وتشيطن كل من لايتفق معها , والأنكى أنها تقارن مساراتها بمسار الأولياء الصالحين , وتنظر لم ينتقدها برؤية الكافر الملحد المرتد ...هذا ما فعلته النقابة وهذا ما اقتنع به المعلم والحقيقة , أن صداما أنتج مع الدولة ..هز أركانها بالمعنى الحقيقي , وهذا الصدام أعاد إنتاج المرحلة القادمة التي سيكون شكلها : (عقل ديمقراطي ويد عرفية) ...
قريبا ينفض السامر , وسيعود المعلم إلى قاعة الدرس ..مزهوا بانتصار مؤقت , لكنه بعد ذلك سيكتشف أنه حول نفسه دون أن يدري إلى ملف أمني في الدولة , والسيناريو الأخطر الذي لا يعرفه ..أن نقابته لن تكون حركتها حرة بمثل عهد الحجايا أو المشة أو الرواشدة ..بل ستكون مقيدة فقد أصبحت منصة لإنتاج أبطال وهميين , والأخطر أنها وحدة قياس استغلت من قبل تنظيم لجس , قوة وهشاشة الدولة ...وللعلم النواصرة كان مجرد بالون اختبار ..تم دفعه وفيما بعد تخلت عنه الحركة الإسلامية , علما بأنه أحد أهم كوادرها ...فالحركة تريد البراءة أمام الدولة , ولكنها في ذات الوقت تريد إرسال إشارات , عن قدرتها وقوتها في الشارع ...ومما رشح لي عن علاقة النواصرة بالحركة الإسلامية , يؤكد أنه أوغل في الصدام , وتجاوز مرجعياته .
سينفض السامر قريبا , وسيعود المعلم إلى الغرفة الصفية , والعلاقة مع وزارة التربية , ستكون رقابية ...والعلاقة هي الأخرى مع المؤسسات الأمنية ستكون قلقة , فالنقيب في بداية الإضراب شيطن هذه المؤسسات واتهمها (بالتشليح) ثم استدرك وعاد يخاطبها بالود..وربما تجاوز خطا أحمرا خطيرا عمدا وعن قصد , وهو مخاطبته للجيش ...بصفته زعيما ومنقذا وهذا أمر يعتبر لعب في المحظور .
المعلم في النهاية , هو ضحية ..ضحية للوضع الصعب , ضحية تجييش وتصفيق من الشارع , والذي تشكل فيه الأغلبية الصامتة أكثر من النصف , ولا تنظر بعين الرضى لما فعل , والتي فيما بعد مؤهلة للإنقلاب عليه ..ضحية تنظيم , قدمه كبالون اختبار لقياس صراعاته مع الدولة , وضحية لنقيب يطمح أن يكون قائدا من الصف الأول في الإخوان المسلمين , وقد قدم شهادته للتنظيم عبر النقابة ...والشهادة جعلته يورط التنظيم في قصة مخجلة ومؤلمة في ذات الوقت .
تلك المرة الأولى في الأردن , والتي تطرح نقابة نفسها . بمرتبة الأولياء ..ويكفر الشعب كل من يقف ضدها ....المعادلة في الأردن واضحة , المعلم ولي صالح ..والشعب يمشي خلفه , والبقية هم من كفار قريش الذي أوغلوا في الخطيئة ..صورة تراجيدية لم يفهما الكثير من الناس , لكن لابد أن تتضح الأشياء .