ثقافة المظاهرات والإضراب .. ثقافة الفوضى والإضرار ..!
جفرا نيوز - الشيخ سعيد نواصره آل عبادي
» لا أنكر ما للأمن المادي من أهميّة في حياة الناس ؛ فتوفر الغذاء لهم ، وتحسين معايشهم ، والتقليل من البطالة ، وغير ذلك .. ؛ من الأمور التي تساعد على استقرار الطمأنينة في النفوس ، وتحِدّ من العداوات بين الناس ، وفشوّ الشرّ فيهم .
ولكن الذي ينبغي إدراكه أنّ هذا يأتي تَبَعاً بعد تحقيق الإيمان ، والتقوى والإحسان ؛ وليس أساساً .. تصرف كامل الجهود من أجله ، وتُنْذر كافة الوسائل لطلبه ؛ قال الله تعالى : { وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنْ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ } ، بل إنّ النعم والأرزاق تمحق بالمعاصي والذنوب ، والبعد عن جادة الطريق ( سبيل المؤمنين ) ؛ قال تعالى : { ذلكَ بأنَّ اللهَ لم يكُ مغيّراً نعْمَةً أنْعمها على قومٍ حتى يغيّروا ما بأنفسهم } .
» هنا كان مقتل ( كثيرٍ من دعاة الإصلاح ) - خاصّة الأحزاب الإسلاميّة - ؛ حين اختزلوا أسباب عزّة المسلمين وتمكينهم ، وأمنهم بالجانب المادي ؛ فوجّهوا جُلّ نشاطهم ، وكُلّ وقتهم و ( شطارتهم ! ) إلى مقارعة الحكومات ، و ( الضغط ! ) عليها بشتى الوسائل ، وربما لجأت إلى العنف والصدام معها ، أو التحريض بين الأخوة ؛ وحتى لو كان الثمن زعزعة أمن الوطن .. ؛ كلّ ذلك من أجل زيادة الرواتب – مثلاً - ، أو تخفيض الأسعار ، أو ... ، أو ... ! ؛ في وقت تغضّ الطرف فيه عمّا يفتقر إليه المسلمون من الأمن الفكري ، والإعلامي ، والأسري ، والاجتماعي .. فـ ( تشارك! ) ، وتتعاون مع غيرها في تحقيقه للأمة ؛ فهذا هو ( السبيل الصحيح ) ، وأكبر نعمة .
» لقد جاء ( الربيع العربي المزعوم ! ) بعظيم الدّواهي التي أذهبت ما بقي من عافية المسلمين ، وطَمَست كثيراً من معالم الدّين فيهم ؛ فرَسَخت ( مبادئ الديمقراطيّة الغربيّة ! ) ، واستقرّت من الناس بمكان الأحكام الشرعيّة والأصول الفقهيّة التي حرّرها أهل العلم في إصلاح المجتمعات، وتحريزها من المفاسد المتيقنة والمحْتملة ، و معالجة الواقع منها أو تقليله ..
» انتشرت ( ثقافة المظاهرات والإضرابات !) في كثير من بلاد الإسلام كـَ ( أسلوبٍ ديمقراطي! ) تنتهجه الشعوب في طلبها الحقوق أو الإصلاح ، والإنكار على الحكام ، والتغيير !، وانصرف الشباب إليها فنشطوا لها ، وتعلّموا أصولَها وفصولَها ! ، وصاروا أهلَ فلسفةٍ و كلامٍ فيها !
وأمّا العلم الشرعيّ فمهجور ، والجهد فيما عداه مهدور ، والعهد مع السياسة العصريّة منذور !
أيُسْمعُ – بعدَ هذا – لأهل العلم؟
» المظاهرات والإضرابات ليست من الوسائل الشرعيّة للإنكار والمطالبة بـ ( الحقوق ) ، والاحتكام للشارع والميادين فيه من الحوادث والمُحدثات ، والزّلّات والمُنْزلقات ، والمُنكرات ما هو كفيلٌ بجلب الشرّور إلى الأمّة ، وتمزيقها وتفريقها ، بل وجرّها إلى أوضار الفتنة وأتون الاحتراب والهلاك ..
والواقع – في دول الربيع! – يصدّق هذا .. ، وهو دليلُ وأثرُ " جناية السياسة على العلم الشرعي "
وإنّه ليدمي القلب أن ترى الناس اليوم عن أهل العلم معرضين ؛ غير راضين ، ثم تراهم إلى الحزبيين والثوريين والمحرّكين والمحرّضين راكضين ..