التشكيلات الأكاديمية في جامعاتنا بين تغول الرؤساء والقصور والتقصير
جفرا نيوز - أ د . سيف الدين الفقراء/ جامعة مؤتة
طالعتنا المواقع الإخبارية بأنباء عن استقالات أكاديمية في بعض الجامعات على خلفية تجاوزات في التنسيب بعمداء أجدّاء, والتجديد لعمداء قائمين على رأسهم عملهم على الرّغم من ضعف أدائهم ووجود تجاوزات في كلياتهم, مع ما شاب ذلك من استثناء للكفاءات وتعيينها في المكان المناسب, وتوزيع المناصب القيادية مغانم على المقربين, وعدم الرغبة في التجديد في الدماء بما يحقّق التنوع ويمنح الجامعات قوة نحو التغيير.
في قراءة للتشكيلات الأكاديمية لإحدى جامعات الجنوب التي كان لها باع طويل في الاستثناءات المشينة في قضية الطلبة القطريين والكويتيين, نرى أنّ عشرة عمداء من محافظة واحدة من أصل (15) عمادة , ويضاف إليهما نائب رئيس ورئيس من ذات المحافظة, فتكون النسبة 71% من الكادر الأكاديمي من محافظة واحدة, خمسة من هؤلاء العشرة هم من اللواء الذي ينتمي إليه الرئيس, وإذا كانت الجغرافيا والأنثربولوجيا معياراً في التعيين فهذا يعني تعدياً صريحاً على حقوق المحافظات الأخرى, و فيه هضم خطير لأبناء الألوية والعشائر الأخرى في المحافظة نفسها, وأن كنّا ضدّ التوزيع الجغرافي والعشائري في المناصب الأكاديمية كلياً.
أربعة من هؤلاء العمداء من رتبة أستاذ مشارك, وإذا كانت كليتان منهما لا يتوافر فيها من هو برتبة أستاذ, وتعيين أستاذ مشارك عميداً فيهما مبرر قانونياً, فإنّ الكليتين الأخريين التي اعتلاها أستاذان مشاركان فيهما عشرات أعضاء هيئة التدريس ممن يحملون رتبة الأستاذية ومشهود لهم بكفاءة يصعب على الرئيس نفسه الوصول إليها. إنّ هذا تجاوز صريح وعلني لا تشوبه شائبة لنص المادة(17/أ) من قانون الجامعات الأردنية, وهو ما أكده قرار المحكمة العليا رقم(606) لسنة 1999م, ولا نعرف ما هو رأي مجلس الأمناء في ذلك , ولا نعرف رأي مجلس التعليم العالي القاصر عن المراقبة والمحاسبة.
إنّ الأنكأ من هذا أن يتمّ التجديد لثلاثة من العمداء في تلك الجامعة في دورة ثالثة في عماداتهم في مخالفة قاتلة للمادة (17/أ) من قانون الجامعات الأردنية التي تنص على( يعين العميد بقرار من مجلس الأمناء بناء على تنسيب الرئيس لمدة سنتين قابلة للتجديد لمرة واحدة), وإذا كان هذا التجديد لدورة ثالثة جائزاً فهو فتح جديد في الفقه القانوني الأردني, يمكن الإفادة منه في تجديد تعيين رؤساء الجامعات لفترة ثالثة, وقد نصت المادة(11/أ) على :( يكون لكلّ جامعة رئيس متفرغ لإدارتها يعين لمدة ربع سنوات قابلة للتجديد لمرة واحدة), ويمكن الإفادة من ذلك أيضاً في تجديد تعيين نواب الرئيس لدورة ثالثة, وقد حددت المادة(13/أ) مدة تعيينهم بثلاث سنوات تجدد لمرة واحدة ).
إنّ هذه التجاوزات غير مستغربة من مجلس الأمناء الذي عرف عنه الترنح والضعف والتقصير, وسيطرة رئيس الجامعة عليه والتلاعب به, غير أنّ سكوت معالي وزير التعليم العالي على هذه المخالفات الظاهرة والتجاوزات القانونية القاتلة؛ ليس له ما يبرره سوى القصور والتقصير, وفيه دلالة على أنّ مجلس التعليم العالي أسير الضعف والوهن وأنّه قاصر أمام ما يسمى استقلال الجامعات.
إنّ هذه التجاوزات والمعطيات في التشكيلات, وهذه العقلية في إدارة الجامعات على أنّها مزارع خاصة, هي من ستلج بنا إلى مواقع متقدمة في تصنيف (Q S), والتايمز, وشنغهاي, والويب متركس!.