جرائم الكراهية وباء القرن
جفرا نيوز - د. مَحْمُودٌ أبُو فَرْوَةَ الرَّجَبِيُّ
الحادثان اللذان حصلا فِي الولايات المتحدة الأمريكية عَلَى مدى يومين وأدَّى إلى وفاة عدد كَبِير من الأبرياء مدان بِالـمَقَايِيِسِ كلها، وَيَدُلّ عَلَى بشاعة كامنة فِي نفوس البَعْض حَيْثُ أكد الـمُجْرِم الافتراضي الَّذِي قام بِعَمَلَيَّة القتل الأولى والَّذِي خلف وراءه " 20 قتيلاً و26 مصاباً في ولاية تكساس الأمريكية وَذلِكَ الشَّابّ أبيض يُبلغ من العمر 21 عاماً، ويدعى باتريك كروسيوس، وهو مقيم في ذات الولاية، حيث قام بإطلاق النار عشوائياً على المتسوقين بمركز "والمارت".
وَقَدْ أشار القاتل الافتراضي إلى أنه اختار مَدِينَة الباسو الَّتِي تبعد عَن بلده مئات الكليومترات لأنها مليئة بالمهاجرين من أصول لاتينية، ومِن خِلال تتبع ما كتبه ذلِكَ الـمُجْرِم عَلَى الإنترنت نلاحظ أنه يميني متطرف، منـزعج من الهجرة الأجنبية إلى بلاده، ويخشى أن تخسر تكساس خصوصيته وأن تذوب بِسَبَب هجرة النَّاس من أصول إسبانية إليْهَا
أمَّا الحادثة الثَّانية فَقَد وقعت فِي ولاية اوهايو وَراحَ ضحية الجَرِيمَة فِيهِا ما لا يقل عَن عَشْرَة أشخاص، وَبِخُصوص الحاديث الأول فإن المشتبه بِهِ أشار فِي تغريدة لَهُ من خِلال التويتر إلى أنه يدعم الهجوم المسلح الذي حَصَلَ عَلَى "مسجدين في مدينة كرايست تشيرتش بنيوزيلندا منتصف مارس الماضي، الذي نفذه الأسترالي برانتون تارانت الحامل لفكرة "تفوق العرق الأبيض".
هَذِهِ الحوادث الَّتِي لَمْ تقتصر عَلَى مُهاجَمَة المسلمين تدل عَلَى أن العنصرية راسخة وَمَوْجودَة فِي العالم كُلهُ، وبنسب وأشكال مُخْتَلِفَة، وأن العالم كُلهُ مدعو إلى مُعالَجَة الخطاب الإعْلامِي، والديني، والرسمي من أجل محاصرة هَذَا الفكر القاتل الَّذِي لا يتوانى بقتل الأبرياء من أجل اوهام معششة فِي العقول.
وَرَغْم أن وَسَائل الإعلام لَنْ تتسارع فِي تناول أسباب هَذَا الهجوم، وهَذَا متوقع لأنَّ المهاجم ليْسَ مُسلمًا، وَلَكِنَّنَا يَجِبُ جميعًا أن ندعو إلى محاصرة الفكر المتطرف بغض النظر عَن دين صاحبه، أوْ عرقه، أوْ لونه، أوْ أصله أوْ لغته، لأنَّ العنصرية والتحريض ضِدَّ الآخَرِينَ لا يفيد البشرية، ويجعلها تعيش فِي دوامة من القتل، وَالدَّم المجاني من أجل لا شَيء.
نحتاج إلى الخُرُوج من عَقْليَّة الكيل بمكالين، وأن يعترف العالم كُلهُ أن التطرف أصْبَحَ وباء يصيب الجَمِيع، وأننا كَيْ نعيش نَحْنُ وابناؤنا وأحفادنا والعالم كُلهُ بسلام لا بُدَّ من محاربة التطرف وكل ما يؤدي إلَيْهِ سواء كانَ خطابًا رَسميًا، أوْ خاصة، أوْ فرديًا، أوْ جَمِيعاً.
الكراهية قذرة، والقتل مدان، ولعلنا بالاعتدال والتسامح نصل إلى عالم مليء بِالحُبّ، بَعِيد عَن الدَّم، والكراهية، وَلَعَلَّ ذلِكَ اليَوْم يَكُون قريبًا.
Mrajaby1971@gmail.com