موقفان...

جفرا نيوز - بقلم الدكتور محمد أبوعمارة الأول : ذهبت يوم الأمس لزيارة صديق لي يشغل منصباً رفيعاً في إحدى الوزارات السيادية وأثناء وجودي عنده أصرّ أحد المراجعين على الدخول لمكتبه وعندما سمح له بالدخول إذ بهما كهلان أحدهما في الثمانين على ما يبدو والآخر في الستين والله أعلم ودار بينهما حوار فهمت من فحواه أن الأكبر جاء ليسقط حقه الشخصي عن العجوز الأصغر وعندما قام صديقي بتوبيخ العجوز الأصغر بشدة كبيرة لدرجة أنني خجلت من قسوته بالكلام وهممت بالمغادرة إلا أنه منعني وختم كلامه بالحديث عن بر الوالدين حيث أنني لم أدري ما الرابط بين الشتم والضرب وبر الوالدين... وبعد مغادرتهما للمكتب لإنهاء المشكلة بعد إيذان من صديقي لذلك، سألته: ما علاقة بر الوالدين بموضوع هذان الكهلان!!! ضحك!!! وقال : العجوز الصغير... إبن العجوز الكبير و –بهدلته- لأنه ضارب والده وصاب عليه كيل من الشتائم أمام جمع كبير من الناس علماً أن والده عمره يتجاوز التسعين والولد في نهاية الستين من عمره!! وصدقني لو القانون بسمحلي كان قمت وضربته كمان..... ذهلت أمام ذلك أي عقوق هذا وماذا فعل الأب مع إبنه ليكون عاقاً له في مثل هذا العمر!! والثاني: وأثناء وجودي على باب المدرسة لإستقبال الطلبة - وهو ما أقوم به يومياً- وقفت سيارة بسيطة جداً على باب المدرسة يكاد ثمنها لا يتجاوز الألفي دينار بحدودها القصوى وفوجئت عندما نزل منها أحد أولياء الأمور الذين احترمهم جداً جداً وله في مدرستي خمسة أبناء، أنزل أبنائه من السيارة وسلّم علي وتحدثنا قليلاً وفضول كبير اشغل بالي!! فبإمكان هذا الأب بقسط سنه واحدة من أقساط أبنائه أن يشتري أحدث سيارة ولكنه مع ذلك آثر تعليم أبنائه على رفاهيته وامتطى سيارة أقل من متواضعة ووفر المال ليدفعه لتعليم الأبناء.... وعندما سألت عنه بعد ذلك علمت أنه يعمل بأكثر من عمل ليس إلا ليعلّم أبنائه أحسن تعليم وله عبارة مشهورة وهي أنني أستثمر في أبنائي. استوقفني هذا الأب البار وذلك الإبن العاق، وأنا أقولها دوماً.... بروّا ابنائكم.... حتى يبروكم .... برّوا ابنائكم... مدير عام مدارس الرأي