هبوب الجنوب يكتب : الهوية ..والمرتجفون منها

جفرا نيوز - خاص - كتب – هبوب الجنوب 

......بداية لا أريد التعليق على ما كتبته أبنة الرئيس عمر الرزاز , ولكن ما لفت انتباهي هو ردة فعل بعض المرتجفين ...بعض الخائفين ...وبعض من أعياهم القلق حين طرح موضوع الهوية .
المصري يفتخر بهويته , والموريتاني يعتز بعروبته , ومظفر النواب يقول في إحدى القصائد أن النملة حتى النملة تعتز بثقب الأرض فهو مستقرها ومسكنها في ليالي الشتاء , والأردني لديه هويته العروبية التي لا تقصي أحدا , ولا تتمترس خلف خطوط الإستعلاء , ولم تكن يوما ضد أحد , ولا تلغي الاخر أبدا ...لأن هذا الوطن حين أسست هويته الوطنية , ربما كان للجغرافيا نصيب منها ..فنحن أهل الجبل أغلب مدننا ومحافظاتنا ..بنيت فوق الجبال , وكان نصيب الأردني أن يكون صلفا عنيدا قاسيا, مثل الجبل في ذات الوقت لديه خلق يشبه نسمات الصيف في جرش إن هبت عليلة ....وهوية الأمة الأردنية , غريبة ومتفردة .....فقد قلت أن للجغرافيا نصيب في تشكيلها وغرابة الجغرافيا الأردنية أنها لم تحتضن , إلا الممالك ...لاحظوا أن أول حضارة عربية كانت الأنباط , وكانت مملكة ...واقرأوا تاريخ العمونيين والمؤابين ...حتما سيكتشف القاريء أن هذا الوطن لم يحكم إلا من ممالك , ولهذا تمثل أهله أخلاق الملوك ...
للمرتجفين من الهوية الأردنية أقول : الأردن لم يحكم من جلاد ولا مستبد ولا طاغية , كان قدر هذا التراب أن يكون فريدا متميزا وعصيا ...
الذين انتصروا لابنة الرئيس الرزاز , لم ينتصروا في إطار الدفاع عن الهوية الأردنية بل في إطار الخوف منها ...والذين غضبوا على كلام ابنة الرزاز , لم يغضبوا لأجل المناكفة ..بل هي غضبة مشروعة لأجل تاريخهم ودمهم وجذورهم ..ولأجل وطن , بني بالدم وليس بالقلق والمؤامرة والدولار ودعوني أتحدث لكم عن فئات (الفزيعة) ..أولهم هم الطامحون بالدخول في التعديل الجديد للحكومة , وقد قدموا فاتورتهم ...وبعضهم هاتف مكتب الرئيس لافتا النظر لما كتب , ويظن أنه في التعديل الموسع الذي سيجري بعد رمضان سيكون له حصة .....أما الفئة الثانية فهي متمثلة برأس المال الجبان ..والخسيس في ذات الوقت , والذي يملك مصالحا مع الحكومة لاتبدأ بالعطاءات , ولا تنتهي بالجدران الإستنادية ..وهذه الفئة , في داخلها عنصرية قميئة ضد الهوية الأردنية , وهي تدرك أن من اعطاها كل هذه الملايين هو عرق الأردني وتعبه ...وهذه فئة إنتهازية طرقت باب السياسة فقط لحماية أموالها ونفوذها , وهي توظف الهويتين الأردنية والفلسطينية ...الأولى عبر العداء معها , وهو عداء غير معلن ومن تحت الطاولة ..وتستغل الهوية الفلسطينية أيضا , فقط من أجل حماية رأس المال الذي تكدس لديها بفعل عطاءات الدولة .
وهبي فئة خائفة مرتجفة , فهي بعد تجربة عوني مطيع ..صارت تنظر للمشهد بنوع من الريبة , وتنتظر دورها ..
وهناك فئة أخرى من الفزيعة , وهي تمثل الإنتهازية السياسية ...فهؤلاء بعد أن لم يجدوا لهم مكانا في التيار الليبرالي الجديد الذي قفز إلى السلطة , وبعد أن لفظتهم التيارات الوطنية وجدوا في الإنتهازية السياسية وسيلة ...ربما للعودة , إلى الواجهة أو الحصول على مغنم أو مكسب عبر إعادة إنتاج التزلف من جديد كحالة سياسية انتهازية .
كلام ابنة الرئيس , عرى الجميع بلا استثناء ..علما بأن الرئيس ذاته لم يطلب فزعة من أحد , وترك الموضوع ..واعتبره عابرا , والحكومة بكل أدواتها أيضا لم تطلب من أحد أن ينصف أو ينحاز للرئيس وابنته ..إذا مالذي حرك هذه الشيطنة في مكامن النفس , وجعل كل هذه الجيوش المرتجفة تطلق عنان القلم انتصار لصبية , عبرت عما في دواخلها .
أمين معلوف ..كتب كتابا إسمه (الهويات القاتلة) , ولو قرأ إخوتنا (الفزيعة) هذا الكتاب لفهموا غضبة الأردني , وفهموا معنى الهوية ...وفهموا كيف تصبح الهويات شرسة ومقاتلة حين تشعر بالتهديد أو محاولات الشطب ...
لكني أود أن أشكر ابنة الرئيس الرزاز , على الأقل هي ساهمت في أبرز إنجاز لحكومة أبيها وأظن أن هذا الإنجاز يجب أن يقرأ في إطار تحليلي عميق , طفلة في السابعة عشر من عمرها ..عرت وجوها وضمائرا , كانت تضحك في وجهنا ..وكانت تشاركنا الخبز ..وتتغنى بوطننا وتذرف دمعات كاذبة حين ينتصر المنتخب , وتحن إلى المحافظات ....وتقبل رؤوس شيوخ العشائر , وتدعي الهوية الأردنية ..في حين أن قلبها كان أسودا كارها ومأزوما .