فى ذكرى رحيلها الأول.. "أمى" لا تزال تدعو لى وترسم لى الطريق!
جفرا نيوز - رامي المعادات
برغم مرور عام كامل على رحيلها، فإن روحها الطاهرة لا تزال تحوم حولى، وتؤكد لى أنه لا يوجد فى الدنيا أبداً، شىء يمكنه أن يعوضنى فقدان الأم، خاصة مع طغيان مشاعر الجحود والنكران بين الناس سواء للقريب أو للبعيد.
غابت "وفاء" فغاب معها كل أشكال الوفاء والحب الحقيقى، فلا نجد أبداً مثل مشاعر الأم التى لا تضاهيها مشاعر أخرى، وبفقدها تأكد لى أن كياناً رئيسياً فى حياتى قد انهار، إلا أن عزائى أن نبضها الدافئ لا يزال يجرى فى دمائى أحس به يقودنى ويمتلك كل مشاعرى، كأن عيونها تبرق أمامى فى كل حين، وتعلمنى وتقودنى وتدعو لى فأنا أعيش بدعواتها لى.
دعواتها تعطينى الأمل، فقد كان بكاؤها فى أزماتى ومحنتى بريق الأمل، فما كنت أتوقع أبداً أن بدعواتها المستمرة سأصير على ما تمنته لي يوما، فقد كنت أسألها دائماً: يا أمى هل أنت راضية عنى؟ وتقول بكل وداعة وحنان: أنا راضية عنك "رضا قلبي ورضا ربي" كم كنت أحب أن أسمع هذه الكلمات وأرددها بداخلى حتى تعطينى روح الأمن والأمان والثقة.
لا تزال أمى التى تحل ذكرى رحيلها اليوم هى منارة حياتى، أراها لم تمت، أحس بها تلهمنى وتسألنى وتناجى الملائكة من أجلى، أحس بروحها تجرى وراء خطواتى وتسبح بى نحو أبواب اليقين.
أمى: هل مر بالفعل عام على رحيلك؟!.. كيف لا أتخيل.. بعد رحيلك أحسست بالفقد والوحشة، واعتدت على الوحدة، ولكن تبقى الأم شيئاً آخر غير أى إنسان، دفؤها وحنانها وصلاحها وقوتها فى طيبتها، تلك هى البصمة الخالدة التى وهبها الله لى فى كل جزء من تفكيرى بل فى كل كيانى وجسدى وروحى، وفى كل بقعة أمشى فوقها، وكأنها لا تريد أن أخطئ أبداً.
كانت واثقة فى الله سبحانه وتعالى وواثقة أن دعواتها ستتحقق، يا الله كيف لهذه السيدة أن تتخلد فى ضميرى هكذا؟، كيف تصير الأمل والمستقبل معاً؟، شىء غامض يحكم هذا الشكل الغريب وهذه العلاقة المقدسة.
فأنا واثق أنها تدعو لى حتى اليوم.. حيث تطلع علىَّ بضوئها المبهر، تلقينى فى دائرة الظلال وبرغم ذلك أجدنى مضيئاً بنورها الأخاذ أقول لها: يا أمى عام مضى ولكن لن أنساك، لأنك معى دائماً كأنك لم ترحلي، كأنك لا تبغين أن تتركينى أحار وحدى من بين طوفان هذا العالم الهمجى، ووسط براكين صراعات لا تنتهى.
أقول لأمى: يا سيدة البراءة لا تتركى دعواتك لي، أنا بدونها أتوه وسط صحارى وضياع الكون، يا أمي لا تنسينى لا تسقطينى من أوراق حساباتك، وأنت تحسبيننى من بين أجزائك.
يا أمي: أنا لا أزال أحبو وسط رمال متحركة، وبرغم عمرى وشبابى لا أحس إلا أننى عجوزا اثقل ظهره الزمان بعد ان فقد احبابه، فلا تخذلينى ولا تحرميني من رضاك حتى بعد فراقك.