الوحدة بين الشعبين الأردني والفلسطيني لا تحتاج إلى قرار

. محمد أبو بكر 
جفرا نيوز  حدّثني شيخ جليل من أبناء عشيرة بني حسن المحترمة عن تلك الأيّام التي تمتدّ لأكثر من ستة أو سبعة عقود ، عندما كانت بلادنا بضفّتيها الشرقية والغربية أسرة واحدة ، لا فرق ولا اختلاف ، ويشير شيخنا إلى أنّ عشائر بني حسن ، على سبيل المثال ، كانت كل عام تذهب إلى سوق بيت جالا في فلسطين ، حيث تمكث هناك فترة من الوقت تمتدّ لعدة أيّام ، تبيع مالديها من بضائع ، وتعود محمّلة بمشتريات مختلفة من تلك السوق . ويضيف أن تلك الأيّام الجميلة لا يمكن أن تمحى من الذاكرة ، فتخرج تنهيدة من صدره ترافقت مع دموعه التي سالت على وجنتيه ، وهو يتذكّر تلك الأيام التي يتمنّى لها أن تعود ، ويقوم بوصفها كما لو كان يصف فتاة جميلة ويتغنّى بحسنها ، ثمّ يقول ؛ إنّ العديد من أبناء عمومته ما زالوا موجودين هناك . مؤخّرا أثبتت العشائر الأردنية أنّها رمز للأصالة والنقاء والعروبة ، فالدم واحد ، والهدف والمصير واحد ، والجميع يرنو إلى فلسطين ، إلى ذلك اليوم الذي ربما لا نشهده ، عندما تتطهّر أرضها من دنس ورجس الصهاينة الغزاة . اجتماعات حاشدة شهدتها العديد من هذه العشائر التي تنبض قلوبها بحبّ فلسطين والقدس والأقصى ، وربما شعرت هذه العشائر للحظة بأنّ الأردن هو الوحيد الباقي من بين العرب ، وهو كذلك دائما ، الذي يقف بكلّ صلابة إلى جانب شقيقه الفلسطيني الذي يدافع عمّا تبقّى من كرامة لهذه الأمّة التي آن لها أن تزيل كلّ آثار الذلّ والهوان والخلاص من كلّ ما تعانيه . فعندما يضيء أهل السلط عشرين ألف شمعة لتنير دروب الحريّة والإستقلال ، والشوق لمعانقة القدس وجبالها ، وتقوم عشائر عبّاد الكريمة بحرق أكبر علم صهيوني ، وغير ذلك الكثير ، فإنّ ذلك لا يعني إلّا أنّ هذه العشائر تدرك بأنّها لفلسطين ومع أهلها ، مع مساجدها وكنائسها ، وأزقّتها وبيوتها ، إنّها تنتظر اللحظة التي يتعانق فيها الجميع ، وتتعافى الأمّة من أمراضها وآلامها المزمنة . المسافة بين عمان والقدس لا تتجاوز تسعين كيلومترا ، وما بين الشونة الجنوبية وأريحا ( مقرط عصا ) كما يقال ، فمن الأقرب إلى فلسطين وأهلها ؟ ومن الذي يشعر بوجعهم وآلامهم ؟ من هو الشقيق والرفيق ؟ غير الأردني الذي يدرك أن القضية الفلسطينية هي قضيته ، وسيظلّ حاملا لهذا الهمّ إلى أن يعجّل الله بفرجه القريب . من يتحدّثون عن الوحدة ؛ كونفدرالية أو فدرالية أو أي نوع آخر ، فهذا الأمر ياسادة لا ينطبق على الفلسطينيين والأردنيين ، عليكم أن تتحدثوا في ذلك عن شعوب ودول أخرى ، فما بين الشعبين الشقيقين عبر ضفتي النهر المقدّس هو أكبر من ذلك ، فالوحدة بينهما لا تحتاج إلى قرار أو قانون ، فهي موجودة وثابتة وراسخة ، لن نحتاج لمجلس نواب هنا أو هناك لتثبيتها وإقرارها ، ألا تعلمون بأنّ أكثر من ستمائة ألف فلسطينية متزوجات من رجال أردنيين ، وقد يكون هناك عدد مماثل في الناحية الأخرى ؟ فمن يستطيع أن يخلخل هذا المزيج والنسيج الإجتماعي ؟ لا تنظروا أو تلتفتوا إلى دعاة الفتنة هنا أو هناك ، فهؤلاء شرذمة صغيرة لا ترى بالعين المجرّدة ، لقد تجاوزنا ذلك ، وهذا الشعب قادر على لفظ هذه الفئة الضالّة ، التي ستجد نفسها يوما ما خارج الزمن وخارج الحياة . لعشائرنا الأردنية النبيلة نرفع القبّعات عاليا ، فبكم نفخر ، وإليكم نلجأ ، والخير دائما بين ظهرانيكم ، أيّها الأهل والعزوة الشامخون دوما ، والمرابطون والمتربّصون ليوم نصر سيأتي حتما .