نيبال ونِبال مجتمعية

جفرا نيوز  -  شادي خليفات

رحلتْ نيبال وعادت إلى بارئها كما أتت إلى هذة الحياة، طفلة بريئة لم تتلطخ بأمراض هذة الحياة، رافضة أي معنى لهذة الحياة غير معنى البراءة متلحفة الطفولة. أتت بصمت لم يعلم بها احد سوا ذوي القربة، ورحلت بعنوانٍ لها في كلِ بيتٍ ونفس. عنوانٌ إتخذَ من الحزن لونٌ ومن الغضب فعل رُدَ على متسببه بأعنفه، ومن الكلام أطيبه لها واسودُه علية. ذهبت ملاك الزرقاء لتلعب في مكان تلعب به وتمرح به وبلهو به وتعيش به طفولتها المسلوبة، إنتقلت الى مكانٍ تعلم إنهم سينظرون إليها كطفلة، وفقط طفلة.

ارتحلت تاركة إرثاً ثقيلاً علينا جميعا تحّمُله ولا نملك الخيار بالنظر إلية حدثاً عابرا سيعالجة الوقت وسينتهي بمحاسبة الفاعل بقانون الدولة والعشائر، لا يا سادة، أنهما طفلان حدثان، يُدق بسببهما ناقوس الخطر فتصرخ الطفلة انتبهوا ايها البشر طفولتي تُنتهك وحقي يغتصب ومساحتي تُختصر والفاعل طفل غُرٌ أَغر، لم يميز بين الطفولة والكَبر، لم يعلم أنه في خطر، خاف من العقاب فحكم علي بالغياب.

إنه الغياب، غياب كُل شيء، غياب مبادئ وأخلاق، غياب عادات وتقاليد ومجتمعات قديمة كانت تصون الجار قبل الدار، كانت تعتبر أبناء المنطقة الواحدة أسرة واحدة وبيتً واحدً، غيابُ ذلك الرجل الكبير الوقور المُهيب الذي كانت كلِمتهُ لا تُرَد ورأيه سديد لا يُشق له غُبار، الناطق بالعُرف الصادح بالحق، شورته مكللة بالحكمة، عبائته منسوجة بالكنحة، متنزرٌ بالرصانة والحصافة، غياب المعلم والمربي ورجل الكنيسة وشيخ الجامع، غياب الفزعة التي لم تعد موجودة الا في سالب الأمور وأَسْوَدها.

نيبال دقت ناقوساً لا يجب أن يصمت دون حلول لمجتمعنا الذي أصبحت قيّمه آخذة بالتغير عن أخلاقنا وعاداتنا، قيمٌ أوجدت رجالا عاهدوا فصدقوا، تقدموا فقدّموا، عَمِلوا فأخلصوا. ومجتمعات كان للخجل والوجل بها مكان فكان الحياء بكل مُحيّا و السلام في الزمان والمكان. آن الأوان ان نقف أمام المرآه ونتمحص بأنفسنا ونقيم حالنا و أحوالنا، فخير الخطاءين التوابين، ننظر إلى أنفسنا لنُصلح ما تضرر بنا ونرمم ما عرّته عوامل الزمن والتكنولوجيا وتقليد الآخر، لنعد ونبني إنساننا الذي بدء يتخذ من الماضي عنوانا له وعاداتِنا التي بدأت تختفي تحت أتربة النكران وتجاهُل الإنسان فذهبت في غياهب الكتب والذكريات، واتخذت مجبرة من القصص مكان، فيحن لها البعض اليسير ويهزئ بها الجاهل الكثير..

لايجب ان تمر هذة الحادثة مرور الكرام دون تنبه واستيقاظ لما يجري الان وكل أوان، فلا بد من مبادرات وتحركات تعمل على إعادة بناء الإنسان والتنبة لما يتم في ثنايا مجتمعنا ومستوراته، فكل بداية تبدأ ثقيلة والعودة إلى الوراء دائما مذمومة ألا هذة العودة وماشابهها. لنعد ونبني الإنسان فلتصبح نيبال مبَادرةً كما كانت روحها الطاهره مُبِادرةٌ.. وليكن فيضان روحها قربانا قُدم عن جميع ألاطفال لتحميهم من غدٍ نجهله وربما نخافه..