لسنا عبيدا ولستم ساده , وأوطاننا ليس من تركات أجدادكم!

جفرا نيوز -  شحاده أبو بقر العبادي

أثبت التاريخ المعاصر, أن التماهي والمواءمة بين الأضلاع الثلاثة لمثلث ( السياسة والإعلام والأمن ) , هو القاعدة والمنطلق معا نحو بناء طوفان شعبي واحد موحد , وأوطان قوية قادرة على على مواجهة المصاعب والتحديات من جهة, وضمان سلامة تلك الأوطان من غدر الزمان وإستكبار الطغاة والظلم وشخوصه من جهة ثانية.

متى تحقق التكامل الوطني القائم على حب الوطن والإخلاص لحاضره ومستقبل أجياله , بين السياسي والإعلامي والأمني , صار الوطن وبهمة شعبه , عصيا على كل صعب, وعلى كل من يتوهم ذاته سيدا يرى فينا عبيدا لرغباته , ومتى حدث العكس والنقيض , صار الوطن كله وللأسف , مجرد ساحة " يلعب " فيها الهامل والكامل والرويبضات من كل صنف ولون وغاية ومبتغى " , وهانت الأوطان لا قدر الله, على أعدائها !.

أعني بالسياسي في بلد كالأردن , كل مشتغل ومنشغل بالسياسة وشؤونها في سلطات الدولة كافة , إلى جانب الأحزاب السياسية البرامجية الحقيقية والنخب ذات الخبرات السياسية والواسعة والممتدة , وأعني بالإعلامي كل مشتغل ومنشغل بالصحافة والإعلام في شقيها الرسمي والخاص معا , وأعني بالأمني أيضا كل مشتغل ومنشغل بالأمن الوطني بكل تفاصيله .

إلتقاء السياسي والإعلامي والأمني في مربع وطني واحد , وعلى قاعدة الفريق الواحد المتجانس رأيا ورؤية لا الفرقاء المختلفين , يعني أن البلد ذات شوكة مهيبة ومهابة , أو بمعنى آخر , أن الوطن ذو " عين حمراء " , سيفكر طويلا وطويلا جدا من قد يتوهم إمكانية إيذائه !.

وإلتقاء الأطراف الثلاثة تلك بتنسيق حضاري علمي وطني راق , وعلى نحو يشترك فيه ثلاثتهم في مناقشة الواقع وتفصيل شكل وجوهر القرار الوطني , هو الوسيلة المثلى لصنع القرار أيا كان نوعه وحجمه وهدفه , ليتولى السياسي إتخاذه , والإعلامي نقله وترويجه وطنيا بذكاء من حيث التوقيت والإخراج والصياغة , ثم يتولى الأمني حمايته , ولكن أيضا بتنسيق مع السياسي والإعلامي معا ! .
قد يبدو للبعض أنني أتحدث عن المدينة الفاضلة أو الدولة المثل والقدوة , وهذا نظريا صحيح , لكنني أرمي إلى ما هو أبعد , فاليأس والإستسلام للواقع المر إقتصاديا وإجتماعيا الذي يجتازه الأردن , يعني أننا وجميعا ربما , كمن أفرغنا كل ما في جعبتنا وما علينا إلا إنتظار الأقدار, وتلك هي بداية الهزيمة , إن لم تكن الهزيمة ذاتها .

أنا أدعو لنفض غبار اليأس والتلاوم غير المجدي , فنحن " عيال اليوم " لا الأمس , وما علينا إلا أن نبدأ مسيرة جديدة مختلفة تماما , خاصة ونحن على وشك مجابهة خطر كبير , وهو خطر يستوجب منا جميعا إظهار ما أسميه " العين الحمراء " دعما للوطن, وتشجيعا للملك, ووفاء للأردن ولفلسطين وللقدس ومقدساتها , كي نحمي بلادنا من كل مخطط شرير .

فإن كانوا قد تجاوزوا كل الحدود يريدون فلسطين كلها مقدمة للهيمنة تدريجيا على الشرق العربي كله , فالرد يجب أن يكون بأننا نريد عودة فلسطين كلها من البحر إلى النهر , فهي بلدنا بما في ذلك القدس كلها غربيها قبل شرقيها .

علينا أن لا نخاف وأن لا نخشى صولة الأقوياء عسكرة ومالا , فهؤلاء هم أجبن من أي تطاول متى رآوا عيون الشعوب وقد توقدت وعزيمتها قد إتقدت في مواجهة شرورهم , ليهددوا من يهددهم بما هو أشد وأقسى . وهذا يتطلب إبتداء أن يتشكل وفورا وبلا إبطاء , مثلث .. سياسي وطني صلب وإعلامي وطني صلب وأمني صلب .., وعندها سنرى شعبا أردني موحدا وطنيا صلبا لا ينفذ من بين صفوفه خائن أو متآمر أو حاقد صاحب هوى خاص .

الأردن وفلسطين والقدس أمانة , والأمانة حملها ثقيل , والشعب الواحد الموحد هو الأقدر على حملها بأمانة , والخطر يقترب متوهما ضعفنا أردنيا وفلسطينيا ليفرض ما يبتغي , وعلينا معا رد كيده إلى نحره , والله معنا , والرزق عنده وحده , والمطلوب اليوم وقبل الغد , أن نتوحد سياسيا إعلاميا أمنيا ليكون في ذلك القدوة لشعبنا رفضا للظلم الذي يسمونه سلاما وهو الحرب بعينها , ولكن بأساليب ماكرة , فليقرروا ما يشاؤون , وعلينا الرفض القاطع , وعلى الله التوكل , فأوطاننا المخضب ثراها بدماء آبائنا وأجدادنا , ليست جزءا من تركات آبائهم وأجدادهم , ونحن لسنا عبيدا , وهم ليسوا سادة . والله جل جلاله من وراء القصد .