الجريمة المقززة...
جفرا نيوز - المحامي سامر عبدالهادي
لا شك أن الجريمة المقززة التي راحت ضحيتها الطفلة ؛ نيبال ، رحمها الله ، هي جريمة هزّت المجتمع الأردني ، ولقد قرأت ردود فعل غاضبة (مشروعة) على هذه الجريمة النكراء ، وحيث أن الحديث أن القاتل هو حدث ، لم يتم الثامنة عشرة من عمره ، وعلى ضوء ردود الفعل الغاضبة (المشروعة) ، ومنها المطالبة بإعدام (القاتل) ، (ولا يعتبر مرتكبا لجرم القتل إلا بحكم قضائي قطعي) ، ومنهم من يطالب بإعدامه بقطع رأسه ، ومنهم من يطالب بإطلاق الرصاص عليه ، ومنهم من يطالب بأن يتم إعدامه بساحة عامة ، فإنني ، وإذ أؤكد أنني أحترم وأتفهم تماما ، الغضب الشعبي المشروع من هذه الجريمة النكراء ، وإذ أكرر أنني قلما أكتب في صفحتي مواضيع قانونية ، لأن هناك صفحات و مواقع متخصصة لهذه المواضيع ، إلّا أنني أكتب ، أحيانا ، في مواضيع قانونية ، من باب عموم الفائدة ، ودون الدخول في تفصيلات قانونية ، وتكون الكتابة موجهة ، بشكل خاص ، لغير أهل القانون من الأحبة والأصدقاء .
وبعد التقديم المتقدم ، فأرجو أن أشير ، وبالإختصار الممكن ، إلى النقاط التالية ، مفترضا ، ثبوت جريمة القتل القصد ، وإكتمال أركانها :
أولا) حسب قانون الأحداث الأردني رقم (32) لسنة (2014) وتعديلاته ، فإن الحَدَث ؛ (ولقد عرفت المادة الثانية من ذات القانون الحدث بأنه الذي لم يتم الثامنة عشرة من عمره ) ، فإن المادة (25) من قانون الأحداث (والتي أرفقها أدناه) قد ذكرت ، أنه إذا ارتكب الحدث جناية عقوبتها الإعدام فيصار إلى وضعه في دار رعاية الأحداث مدة لا تقل عن ثماني سنوات ولا تزيد على أثنتي عشرة سنة .
ثانيا) وعلى الفرض أن المتهم لم يكن حدثا ، فيعتقد البعض ، أن كل من قتل إنسانا قصدا ، يعاقب بالإعدام في الأردن ، والصواب أن المادة (326) من قانون العقوبات ، قد جعلت العقوبة الحبس مع الأشغال لعشرين عاما (كانت المدة خمسة عشر عاما قبل تعديل هذه المادة ) .
ثالثا) وحتى يصار إلى الحكم بالإعدام على جريمة القتل ، فيجب أن يرتكب القتل مع ظرف مشدد ، كأن يرتكب مع سبق الإصرار أو كأن يقتل المجرم أباه أو أمه .
رابعا ) عند صدور حكم قطعي بالإعدام ، فلا يصار إلى إنفاذه إلّا بموافقة جلالة الملك .
خامسا ) أما تنفيذ حكم الإعدام في ساحة عامة أو عند ساحة المسجد الحسيني ، فالمادة ( 358) من قانون أصول المحاكمات الجزائية ، تنص صراحة على أن تنفيذ حكم الإعدام يكون داخل بناية السجن ، إلّا إذا عيّنت الإرادة الملكية محلا آخر لتنفيذ حكم الإعدام ، ولا أذكر أن المغفور له جلالة الملك الحسين ، أو جلالة الملك عبد الله الثاني ، حفظه الله ، قد أمرا بتنفيذ حكم الإعدام على أي مجرم في ساحة المسجد الحسيني .
سادسا) أما عن المطالبة الشعبية ، بقطع رأس القاتل ، أو إطلاق الرصاص ، فالمادة (358) ، والمشار إليها أدناه، تنص على أنه (...(يُشْنَق) المحكوم عليه) ، وبالتالي ، فالطريقة الوحيدة في الأردن لإنفاذ حكم الإعدام هي الشنق حتى الموت .
سابعا) أيها الأصدقاء ، لا يستقيم مع المنطق ، ومع كل الإحترام ، ومع التأكيد مرة أخرى على إحترام الغضب الشعبي العارم ، أن نطالب بتنفيذ القانون وأن نؤكد على سيادة القانون ، ثم (يفصّل) كل منا قانونا خاصا به ، وينصِّب من نفسه (مُشَرّعاً) للقوانين !! لطيفة هي الدعوات التي تطالب بتعديل بعض القوانين أو تغليظ العقوبات على بعض الجرائم ، وبأسلوب متزن هادئ موضوعي ، وضمن القنوات الدستورية التي نحرص على حسن تطبيقها ، مع التأكيد أن العدالة المطلقة موجودة في السماء فقط.
- حمى الله الأردن والأردنيين .