الوصاية الهاشمية .. تنتصر , ولا تحتضر !

جفرا نيوز - شحاده أبو بقر العبادي

كنت وما زلت وسأبقى أقول , أن الكلام " الكبير " في مبانيه , وبالتالي في معانيه , لا يصدر إلا عن كبار قال فيهم الشاعر ," وإذا ما كانت النفوس كبارا .. تعبت في حملها الأجساد " . أما من كانوا غير ذلك , فالذنب ليس ذنبهم ربما إذ جبلت نفوسهم على غير ما وجب أن يكون , وهم لذلك خطاؤون كثيرا في التعبير وفي إنتقاء كلماتهم , ولهم العذر من كل كبير عاقل , وعليهم مقاربة كبر الكلام وفضائل الأقوال إن هم إستطاعوا, عل الله يقبلهم ويتقبلهم .

الكلام عن القدس الشريف ومقدساتها الإسلامية والمسيحية الأسيرة منذ أزيد من خمسين عاما حتى الآن , كلام كبير وفي إتجاهين : الأول مكانة القدس ومقدساتها لدى مئات ملايين العرب والمسلمين بإعتبارها موضع صلاة وسجود لهم , وبإعتبارها موضع معراج محمد صلى الله عليه وسلم إلى السموات العلا بأمر ربه سبحانه , والثاني هو كونها وصية لدى الهاشميين الكرام أحفاد محمد النبي الكريم منذ قبل الإحتلال الأول لفلسطين الحبيبة .

لم يقصر العرب الأردنيون الهاشميون ساسة وحكاما وجيشا ومجاهدين في الدفاع المستميت عن القدس ومقدساتها , وعن سائر فلسطين عبر التاريح وحتى يومنا هذا . وعلى أسوارها وباحات أقصاها وشوارعها وساحاتها , قدموا أرواحهم رخيصة كما لم يقدمها أحد غيرهم , وأجزم أن دماء الشهداء ما زالت تخضب ثراها وحجارتها الطهور .

وواصل القوم الأصائل بعد الإحتلال الغاشم رعاية وصيانة وإحترام مقدساتها بما تستحق , ولا أعرف أنا وكل منصف غيري يعرف الله ويتقيه , شعبا عربيا أو مسلما هب وعبر التاريخ لنجدة ونصرة شقيقه الشعب الفلسطيني , كما فعل ويفعل الأردنيون كابرا عن كابر , ولم يتحمل أحد مثل ما تحملوا وما زالوا من تبعات القضية ومخرجاتها ومؤامرات المستعمرين والغزاة والعملاء المجردين من كل خلق ودين وضمير ! .

أما اليوم وحيث يقال كلام غث يكدر الخواطر بأن الوصاية الهاشمية تحتضر وأن لا أحد مع شعب فلسطين , فهذا كلام صغير لا يعي معنى الوصاية وتاريخها وحتى قدسيتها وكرامتها , لا بل هو يبدو ومن غير قصد كمن يقول للصهاينة إمضوا في مخططكم , فالوصاية تحتضر وستنتهي قريبا ولا أحد يناصر شعب فلسطين ! .

وأما القول بأن هناك من ينافس أو يزاحم الهاشميين على الوصاية , فهو أيضا قول ساذج لا ينتج غير الفتنة بين الأشقاء , ويفتح الفرص رحبة أما الغزاة المحتلين للتذرع بهكذا تنافس وتزاحم لا وجود له , إلا في ذهنية ترمب ونتنياهو وعملائهم لإستخدامه ذريعة في السياق ذاته ! .

الوصاية الهاشمية نيابة عن مئات الملايين من مسلمين ومسيحيين , لم ولن تحتضر , لا بل ستنتصر بنصر من الله أولا , ثم عندما نلتف حولها أردنيين وفلسطينيين في الأردن وفلسطين , داعمين مناصرين رافضين لأي مساس بها مهما كان , ومحرضين لسائر أشقائنا العرب والمسلمين للخروج وبالملايين إلى الشوارع من المحيط إلى الخليج رافضين وبصدق لتهويد القدس ومقدساتها , والمساس بالوصاية الهاشمية على القدس ومقدساتها .
يملك كل " متخوف " على المقدسات وعلى الوصاية الهاشمية , خاصة إن كان يغمز من قناة أشقاء عرب , أن يطمئن تماما , فلقد سمعت من مسؤولين عربا مطلعين , أن لا مساس بالوصاية الهاشمية من قريب أو بعيد , وأن ما يقال ليس سوى تمنيات صهيونية غرضها إثارة الفتة بين العرب خدمة لمخططهم الماكر .

فقط , مطلوب من السلطة الفلسطينية أن تسمح للشعب المناضل في الضفة وغزة بالتظاهر الإنتفاضي السلمي ضد ما يسمى صفقة قرن , ومطلوب من شعبنا الأردني وشعوبنا العربية كافة , أن تتظاهر وتعتصم سلميا للغاية ذاتها كي يسمع العالم الحر , أن الفلسطينيين والعرب والمسلمين وكافة , رافضون لصفقة ترمب وزمرته , وأن أي تطاول في تنفيذ فصولها , سيفجر العالم العربي والإسلامي برمته , وسيعيد القضية إلى مربعها الأول كما كانت عام 1948 , وأن ما يتوهمه ترمب سلام صفقة يشتريها بالمال , سيكون وبالا عليه وعلى المنطقة والعالم كله " واللي حملها يسيرها " .
ختاما , الوصاية الهاشمية ليست وظيفة سياسية كما يتصورها بعض سذج ! , لا, الوصاية هي شرف ديني عظيم , وعلى كل عربي وعلى كل مسلم أن يصونه وبه يتشبث مهما كان الثمن , إثباتا لعروبته ولإسلامه ولإيمانه ولإنسانيته . وعنها سيجد ترمب وإدارته أنفسهم مرغمين على مراجعة حساباتهم , فما يرفضه طوفان الشعوب يستحيل تنفيذه وسينقلب ضد ما يريدون ويتوهمون . الله تعالى من وراء القصد .