التحديات الكبيرة التي تواجه الإدارة الجديدة لجامعة اليرموك

جفرا نيوز - الأستاذ الدكتور أنيس خصاونة

بدأت الإدارة الجديدة لجامعة اليرموك ممثلة برئيسها ممارسة أعمالها منذ أكثر من شهر وسط إشكاليات وأزمات كبيرة لم تواجه الجامعة مثيلا لها منذ إنشائها في أواسط السبعينات من القرن الماضي. فالمديونية ارتفعت من ثمانية ملايين دينار إلى واحد وعشرين مليون دينارا في عهد الرئيس السابق ،والأداء الأكاديمي والتعليمي الناجم عن انخفاض الروح المعنوية للعاملين سواء مدرسين أو إداريين شهد تراجعا واضحا، والأعداد الهائلة من الموظفين الإداريين الذين تم توظيفهم في عهد الإدارة السابقة دون حاجة إلى خدماتهم يشكل عبئا وإرهاقا لموازنة الجامعة ،والازدحام الكبير في أعداد الشعب الدراسية ترك انعكاسات سلبية على سوية التدريس وتنمية المشاركة الصفية للطلبة وتكليف الطلبة بالمشاريع البحثية، وتزايد أعضاء هيئة التدريس الذين يتقدمون باستقالاتهم من الجامعة نتيجة تآكل دخولهم وعدم زيادة رواتبهم في الوقت الذي تم زيادة رواتب معظم شرائح القوى العاملة في الدولة، وضعف ثقة العاملين بالإدارة الجامعية وبرئيس الجامعة نتيجة للتعيينات المتحيزة التي لا تستند لمعايير الكفاءة والجدارة والمتأثرة باعتبارات شخصية وتشمل هذه التعيينات المواقع القيادية كنواب الرئيس والعمداء والمدراء ورؤساء الأقسام ،ثم تتوج هذه التحديات للرئيس الجديد بقضية المدرسة النموذجية التابعة للجامعة والتي تم أبرام اتفاقية بشأن إدارتها واستثمارها مع إحدى شركات القطاع الخاص علما بأنه تفوح رائحة شبهات فساد تزكم الأنوف من هذه الاتفاقية التي تمكن الشركة المتعاقد معها من إقامة مدرسة ومشاريع أخرى من أسواق ومطاعم وخدمات تجارية مواقف سيارات على أرض تمتلكها الجامعة في قلب مدينة اربد مساحتها (27 ) دونما تقدر قيمتها ب (26) مليون دينار وللشركة أن تتعاقد مع الآخرين كما تشاء والحصول على الخلوات للمحلات وغيرها لمدة (26) سنة مقابل 20% فقط من الرسوم الدراسية.
الإدارة الجديدة لجامعة اليرموك في وضع لا تحسد عليه في ظل موازنة خاوية ومديونية فلكلية واستقالات متكررة وخصوصا في أوساط الأكاديميين من ذوي الرتب الأكاديمية العليا وفي ظل أجواء من عدم الثقة بين أصحاب السلطة والمتأثرين بها من كوادر الجامعة وطلبتها. وفي الوقت الذي يأمل العاملون في الجامعة أن يشعرون باختلاف وفرق إيجابي في إدارة الجامعة واحترام قوانينها وتشريعاتها وقيمها وأعرافها لتي انتهكت مرات ومرات سابقا دون مسائلة ومتابعة من رئيس وأعضاء مجلس أمنائها فإن رئيس الجامعة الجديد يحتاج إلى فريق عمل جديد ابتدءا من نوابه ذكورا وإناثا وعمداء الكليات ومدراء المراكز والوحدات الإدارية حيث أن هؤلاء هم من كان يختمون ويبصمون للإدارة السابقة، كما أن بعضهم إن لم يكن معظمهم تم تعيينه لاعتبارات شخصية أو تداخلات اجتماعية معينة. الجامعة مؤسسة ضخمة فهي أضخم من أي وزارة أردنية لا بل فإن بعض الكليات مثل كلية الآداب أو كلية الاقتصاد والعلوم الإدارية أضخم من بعض الوزارات التي لا تضم أكثر من 100 موظف، وعليه فإن حنكة رئيس الجامعة وقدرته الإدارية تتجلي باختيار قيادات ذات كفاءة وجدارة إدارية وأكاديمية إضافة إلى حس عالي بالمسؤولية والانتماء للمؤسسة تمكنها من إدارة كليات الجامعة ومرافقها المختلفة. ويأمل كثير من العاملين في الجامعة أن يروا نمطا جديد من الرؤساء الذين يعيدون لليرموك الجامعة ألقها ومجدها يوم كان يتنافس المتنافسون للعمل فيها والانضمام لأسرتها، ويوم كانت أعراف الجامعة وقيمها غير المكتوبة ترقي لدرجة وقوة القانون ،ويوم كان خريجوها يحتلون أفضل الرتب في مواقع التقييم سواء في سوق العمل أو التفوق العلمي والأكاديمي. نعم يأمل بعض العاملين في الجامعة من الرئيس الجديد أن يكون حذرا من نصائح نوابه ومن حوله ومن المعلومات التي يبدونها له في كثير من الأمور والأشخاص من زملائهم من أعضاء الهيئة التدريسية والإدارية فقد أبدوا مثلها لرئيسهم السابق وأوصلوا الجامعة لما وصلت إليه كما أنه من المأمول أن لا يأبه الرئيس للممالئة والتقرب الذي يبديه بعض من نوابه ومن حوله من كبار المسؤولين الذين يناضلون من أجل البقاء في مواقعهم .
رئيس الجامعة عادة يستمر ما متوسطه أربع سنوات في الخدمة وهو بصفته الشخص الأول في الجامعة متاح له أن يفعل الكثير الكثير حتى بإمكانات متواضعة وأقل ما يمكن أن يفعله هو احترام القوانين والتشريعات المختلفة للجامعة، والتعامل بعدالة ومسافة واحدة من الجميع، والنأي بنفسه عن أسلوب الشللية في الإدارة والذي يفقد الرئيس القدرة والمصداقية على قيادة كامل الجهاز الإداري للجامعة ويقتصر بدلا من ذلك على قيادة شلته والمحسوبة علية،وعدم استغلال موقعه للسفر المتكرر وغير المجدي وغير الضروري، واحترام حقوق العاملين وعدم تجاوزهم أقدمياتهم ،ومقاومة التدخل الأمني في شؤون الجامعة وتعييناتها واختيار قيادتها ، ومراجعة وتجميد اتفاقية المدرسة النموذجية وربما إحالتها مرة أخرى إلى دائرة مكافحة الفساد للتحقيق فيها ،وكذلك مقاومة الرغبات والتدخلات الشخصية من مجلس الأمناء في التعيينات واختيار القيادات ،والحذر من الحاشية من نواب الرئيس لأنهم بشر ولهم مصالح خاصة في إبتعاث وتشغيل أبنائهم وذويهم بغير وجه حق.
لعل أكبر التحديات التي تواجه إدارة رئيس جامعة اليرموك هي استعادة الجانب المؤسسي لعمل الجامعة واحترام التسلسل في المراجع واحترام رأي مجالس الأقسام والكليات ومحاورتها في حال الاختلاف بدلا من الالتفاف عليها وتجاوزها وتجاهل تنسيباتها. الجامعة لم تكن يوما مكانا للسقاية والرفادة والتجمعات الاحتفالية على حساب رعاية الجوانب العلمية وتنمية مهارات الطلبة والأساتذة وخدمة المجتمع . نعم نقول لرئيس الجامعة وفريقه الجديد بأن سنوات خدمتكم ستكون محط تقييم ومراجعة من قبل العاملين والطلبة فاجعلوها تشهد لكم وليس عليكم آملين أن يكون رئيس الجامعة ممن يتركون أثرا من خلال أداءه ومساهمته في ما ينفع الجامعة وأن لا يكون لا سمح الله من الرؤساء الذين انتفعوا بالجامعة بدلا من إفادتها ونفعها ومروا مرور المارقين دون أن يتذكر أحدا أسمائهم بعد أسبوعا أو أسبوعين من مغادرتهم لموقع المسؤولية.