النفخ بالصافرة
جفرا نيوز ـ بقلم لورانس المجالي
ان المشاهد والمتتبع للإحداث في هذه الايام يجد ان هناك انتشار ملحوظ لحالة النفخ بالصافرة خاصة من خلال التواصل الاجتماعي الذي اصبح مسرحا ومنبرا لهذه الحالة التي تعبر عن اشارة لأي ممارسات غير قانونية او اخلاقية ووسيلة لكشف الفساد او الاشارة آليه وتتبع خطواته ورغم الخطورة التي قد تحاصر النافخ بالصافرة الا ان النفخ الجماعي عبر وسائل التواصل اصبح يشكل مساحة امنة لزيادة انتشار هذه الظاهرة .
وضمن المتابعة لردود الفعل الرسمية التي تتعامل مع بسياسية الانكماش والدفاع الشديد لموجات النفخ المتتالية اجد ان هناك من بدأ يستفيد من هذا التطور في اشكال النقد للحالة العامة واصبح هناك منافذ تغذي هذه الموجات وفق اجندة يصنف بعضها انتقاميا للحكومة والاخر تعسفيا في بحث عن موطئ قدم في المستقبل واخرى بلا بوصلة في بحث عن الشهرة والتوسع فقط وهذا مدعاه لقراءة التطورات والتي تشمل التسريبات الاخيرة وبغض النظر عن محتواها الا ان السؤال الابرز من سربها؟ وما الغاية من التسريب ؟ وكيف تم تقديمها لتصبح لحن الصافرة عبر السوشال ميديا .
لابد ان نتوقف لنرصد الحالة ونفكر ان النفخ بالصافرة في البيئة العامة تشكل بحد ذاتها مرحلة مخيفة تستدعي الانتباه والبحث والدراسة كيف خرجت هذه الجموع عن وسائل الضبط الدستورية والقانونية لتمارس النفخ وتحاول الإشارة لحالات تدعي انها تشكل حالة من الفساد او الترهل او العبث ولا تنتظر الحلول وتتفاعل في ما بينها وتحاصر وتطرد اي صوت اخر وتعتبره مشوّه وغير وطني والسؤال من صنع هذه التصنيفات ووزع الادوار ولو انني اجد ان العشوائية احياناً تصنع شكلاً منظماً.
والغريب والمستهجن ان تجد في وسط الصافرات اصوات ذات تاريخ سياسي تحاول الصعود لقيادة وتطويع النغمة وهذا ايضا يشكل خطورة حقيقية يجب ان تدخل حيز الدراسة .
وهنا لابد من ان اعرج على الحدث برمته والذي يحتاج الى تشخيص مبني على الدراسة ووضع العلاج من خلال توسيع مساحة الحوار وتطوير دور المنابر الاعلامية الرسمية للتصدي لمثل هذه الموجات الكبيرة والدفع بلغة المكاشفة والشفافية ووضع خطط استباقية لمحاصرة حالة النفخ من خلال التوعية القانونية وتقديم وجبات الانجاز اليومية عبر وسائل الاعلام بطريقة دسمة وواضحة ودون العودة للوسائل التقليدية في تقديم الخبر الحكومي المثقل بالألقاب والجمل الواسعة والقائمة على الوعود المستقبلية
ولا ينكر احد ان الغياب والتأخر لبعض الوزارات والمؤسسات في تقديم الانجاز اليومي للمواطن وعرض ذلك عبر نوافذ الحكومة المختلفة وضمن رصد شامل للوزارات ادى الى عدم تقدير لأدوار تلك الوزارات ونشاط الوزراء والاهم تقدير كم الانجاز وتطوير سبل التوجيه والتثقيف في البعد الوطني وتدعيم حصون رسالة الدين وامن الوطن وخصوصية الرمز واساسيات الاخلاق وتماسك المجتمع من هجمات العبث والتسلية وموجات الصافرات العشوائية التي قد تؤذي بقصد او دون قصد احدى تلك الاركان المهمة .
ويأتي السؤال الابرز عن اسباب النفخ بالصافرة وهل يعود الامر للحالة الاقتصادية واثرها على المجتمع ام انعدام الثقة وانهيار جسور التوافق والحوار مع الشباب ، ام ان المرسل لم يجد بعد رسالة تصلح للاستهلاك المحلي مبنية على دراسة للمزاج العام والتغيرات الاجتماعية والاقتصادية والفكرية و تقديمها بطريقة ذكية تحاكي النخبة والبسطاء على حد سواء ، ام ان المستقبِل ما عاد يصدق الا اصوات الصافرة التي تتماشى مع صوت صافرته الخاصة وهنا يجب ان نعترف أننا في ازمة حقيقية فلا نستطيع ابدا النفخ على انفسنا بالنقد والتندر والتمرد ولا يمكن ان يموت الباطل لمجرد السكوت عنه فقط بل بمكافحته وتقديم الحجة بالحجة والفعل (مقرون بردة الفعل) وهذا يشتت سبل الموجات الموجهة ويعطل الممنهج منها .
نحتاج في هذه الاوقات لفريق تشاركي من كافة المؤسسات الرسمية ( مستمع و ناضج ومؤهل و قارئ للمشهد ولديه الخبرة بالعامة قبل الخاصة ورؤيا وبوصلة للمستقبل ويستطيع ترجمة الاصوات واعادة توجيها الى صالح الوطن.