المطر "نعمة" , وبعضنا يراه "نقمة" والعياذ بالله !!
جفرا نيوز - شحاده أبو بقر العبادي
يقول الله جلت قدرته " وجعلنا من الماء كل شيء حي " , فحيثما وجد الماء إزدهرت الحياة , وحيثما فقد , إنحسرت الحياة وتلاشت , ولا حول ولا قوة إلا بالله .
المطر الغزير نعمة كبرى من الله سبحانه , لكنه عندنا يصبح نقمة والعياذ بالله , عندما تستنفر دولتنا كلها لمواجهة خطر مطر ليلة , حتى بات منا من يتمنى ربما توقف وإنحباس المطر, كي لا تنكشف العورات ! .
وفقا للدراسات الرسمية , فإن الله يجود على الأردن سنويا بحولى 8 إلى 10 مليارات متر مكعب من ماء المطر في المعدل العام , وبرغم مرور مائة عام على دولتنا الحديثة , فإن الطاقة الإستيعابية لما لدينا من سدود , هي في حدود 325 مليون متر مكعب فقط , فقد أنفقنا أمولا طائلة على كل شيء , وإستهنا بما هو أهم , وهو الماء .
وعليه فمن الطبيعي وليس هو بالأمر المستهجن, أن يصنف الأردن كثالث أفقر بلد في العالم في مجال الماء! .
لقد إنبرى لساني وقلمي وأنا أدعو وأطلب وأكتب , مناديا بالتوقف عن بناء سدود كبيرة مكلفة وبعشرات الملايين على الدراسات والعطاءات كل عشرين عاما أو أكثر ربما , ومنها واحد كلف الخزينة 50 مليونا ولم يستفد الأردنيون منه شيئا بعد أن تبين أنه قد أقيم فوق نبع مالح جعل مياهه غير صالحة لأي شيء !
أطالب وأدعو وللمرة المائة ربما بما يلي , خاصة وقد قرأت قول مسؤول قبل يومين يرى أن حل معضلتنا المائية هو في تحلية مياه البحر الأحمر , وكلنا يعرف الكلفة الباهظة لمشروع أو توجه كهذا التوجه :
أطالب كمواطن وهذا حقي , بتنفيذ مشروع وطني كبير عنوانه " بناء أكثر من ألف سد صغير " هو عبارة عن حاجز مائي وبواقع مائة حاجز في كل محافظة على مجاري الأودية وعلى هيئة حفائر في باديتنا التي نسميها تجاوزا بالصحراء وهي ليست كذلك .
هذه السدود الصغيرة وبطاقة 200 إلى 300 ألف متر مكعب لكل منها , يجب أن تنفذ بجهود الحكومات المحلية في كل محافظة .. بلديات , نقابات , أحزاب , مقاولون متطوعون , طلبة مدارس وجامعات , أندية ومنتديات , مستخدمو خدمة وطن , قوات عسكرية وأمنية , ومهندسو دوائر الدولة , وآليات سائر الجهات التي تملكها في كل محافظة , إلى جانب جهد وطني تطوعي مجتمعي شامل , وبالذات من جانب كبار المقاولين الذين أثروا من خير بلدهم زادهم الله من فضله .
مثل هذه السدود الصغيرة لن يكلف أي منها أكثر من عشرة آلاف دينار عندما لا تكون هناك عطاءات دراسات وتنفيذ مكلفة , وعندما يكون الجهد كله وطنيا تطوعيا .
مثل هذه السدود ستوفر سنويا ومن خلال " شتوة ليلة واحدة فقط " حوالى 300 مليون متر مكعب من الماء أي ما يعادل الطاقة الإستيعابية لجميع سدودنا الحالية وأكثر , خاصة وأن منها ما قلل الطمي المتراكم من طاقته ! .
مثل هذه السدود آمنة أكثر ولن يضع المسؤولون أيديهم على قلوبهم عند هطول مطر غزير خشية من حدوث خلل لا قدر الله في سدود كبيرة , وهي مغذية للمياه الجوفية , وستجعل الأردن في مصاف الدول المكتفية مائيا .
ومثل هذه السدود الصغيرة غير المكلفة , ستحول الأردن إلى واحات وجنات تريح نفوس الناس المتعبة أصلا , وستوفر ماء لري المزروعات وسقاية المواشي وقبل ذلك المواطن , وستوفر ثروة سمكية وسياحية وإنتاجية زراعية وغير ذلك من خيرات كجلب الطيور المهاجرة , وستكون متنفسا لفقراء الوطن في قراهم ومدنهم وبواديهم ومخيماتهم , وستوفر فرص عمل عندما تتولى البلديات أمر إدارتها وحراستها وصيانتها .
حتى داخل العاصمة عمان التي تفتقر إلى نوافير جمالية وتروى أشجارها بماء مكلف غير متوفر , يمكن بناء بحيرات جمالية صغيرة .. وإنظروا إلى الساحة الملاصقة للمدرج الروماني , ألم تصبح بحيرة خلال ساعات , ما الذي يحول وهي ساحة فارغة تملكها الأمانة , دون تصميمها بحيرة جمالية جميلة وسط عمان تنتشر فيها نوافير تريح أعصاب الناظرين على مدار العام ! .
آمل وأتمنى أن يكون هناك من يقرأ ويهتم ويتابع لينفذ هكذا مشروع وطني كبير شامل يوفر أهم متطلب في حياة البشر , وبكلفة لن تتجاوز 15 مليون دينار فقط ! , آمل ذلك . والله دائما وأبدا من وراء القصد .
ملحوظة : قد يتحجج البعض بالإستملاكات وكلفتها , والجواب , لن يضير مالك إقتطاع جزء من أرضه , لقاء تزويده بماء الري بنصف القيمة ليحيي أرضه اليباس , هذا بالإضافة إلى توفر أراض حكومية على مجاري أودية الأردن من شماله إلى جنوبه , والأهم , هو أن توفير الماء الذي نفتقده أهم بكثير جدا من كل أمر آخر .