...(بين الاسترضاء و الاستقواء )...


جفرا نيوز - كتب : فراس نصوح المجالي

مع احترامي وتقديري لكل ما قيل في التعيينات الأخيرة ، وليس دفاعا ولا تبريرا لها :
فأعيد وأكرر بأن هناك خلط في تقييم العمل السياسي في بلادنا وفق المنظومة (غير المثالية) التي تحكم العلاقة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية ، ومن الصعب بمكان أن نُقيّم ديمقراطياتنا البرلمانية انطلاقا من ديموقراطيتنا الاحتجاجية بمزاجها وانفعالاتها الإلكترونية أو الحراكية:
ففي كل الدول الديموقراطية هناك حكومات تخطب ود المجالس النيابية وبخاصة الكتل والإئتلافات المؤثرة في التصويت على القوانين المفصلية ، فتقوم بتسويات وتقدم تنازلات في إطار المناورة السياسية لتنفيذ برنامجها الاقتصادي والسياسي وحتى الاجتماعي ، وهذا أمر طبيعي لكن :
الفرق يكمن في ان البرلمانات المتقدمة ونوابها يطالبون بمكتسبات تزيد من مشاركة أحزابهم في إدارة المشهد السياسي تحقيقا لبرامجها التي تنافس برنامج الحكومة صاحبة الاغلبية في المجلس :
بعبارة ثانية فإن " ما نضعه في صندوق الانتخاب يعود إلينا كأداء تحت قبة البرلمان" ، وما دمنا نختار من خلال" تعاطفنا المنحاز " وعلى أساس قريبي وحبيبي ، فإن العمل السياسي بلادنا لابد ان ينتج بعض التسويات التي تخص أقارب واحباب النواب، خلافا لآلية عمل برامج والاحزاب المبنية على هدف المشاركة بالسلطة بكل الأدوات المتاحة:
ولا اعتقد ان الحكومة كانت ستنجح في عبور المخاضات السابقة دون تسويات سياسية مع النواب ، لكنها في النهاية، ستضطر إلى تسويات مثيرة للجدل لأنها لا تواجه كتلا وائتلافات حقيقية تسعى الى مكاسب تحمل طابعا برامجيا :
لأن هذا هو الموجود ، وهو للاسف ما أثار عواطفنا ضد الحكومة قبل التفكير بواقع المشهد السياسي ككل ، وبالآليات والأسس التي نختار بها من يمثلنا ونساهم في نتائجها المخيبة للآمال:
فدور الأحزاب السياسية المؤثرة في البلدان المتقدمة ليس مجرد دعم مرشحيها وإيصالهم للبرلمان أو تكلفيهم بالنضال لتحقيق برامجها ، و إنما إخضاعهم للمراقبة وتقييم الأداء المستمرَّين من قبل لجان الحزب فضلا عن رقابة النظام الداخلي للمجلس :
أما نحن فما زلنا في أول السُّلّم ، وبعض نوابنا يمضي عليه عام كامل دون أن يتكلم او يقدم اقتراحا أو استجواب واحدا على الأقل :
لكنني متفائل في نهاية الأمر بان السلطة التنفيذية تنتقل في تعاملها مع شقيقتها التشريعية من "الاستقواء إلى الاسترضاء" ، لكن في كل الأحوال يجب أن يخضع الاسترضاء للصالح العام :
وفي نهاية الأمر يجب أن لا ننسى بأن الحكومة اضطرت (أيضاً) من قبل إلى تسويات سياسية مع الحراك الذي يمثل الديمقراطية الاحتجاجية وعلى مستوى حقائب وزارية ومؤسسات سيادية ..