أعِرني عقلكَ من بعيد

جفرا نيوز - كتب فراس المجالي على صفحته على موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك   أعِرني عقلكَ من بعيد  في نهاية عام ٢٠٠٩  ، عرضت  السينما  الامريكية فيلم "افاتار" الأسطوري الذي سجّل أعلى تكلفة في تاريخها ،  وحصد جوائز لأفضل مخرج وافضل دراما وافضل تأثيرات بصرية وأفضل تصوير سينمائي.
   للقصة عناصر  أساسية لابد أن نذكرها : ١- البطل العاجز حركيا . ٢- التكنولوجيا التي مكنت البطل من الحضور عند بعد في أماكن وازمان أخرى . ٣- الشعب الذي يثور ضد الطغيان بفضل البطل الذي جعلته التكنولوجيا خارقا رغم حقيقة عجزه.
   لا أريد الخوض في تفاصيل الفيلم بقدر  الإشارة الى استنساخ الفكرة الذي طبّقته تكنولوجيا الاتصال  عبر ما يدعى بالواقع الافتراضي  .
   فبطل الفلم  القابع في قُمرة صغيرة  استطاع أن يظهر "بالتزامن " في مجتمع "افاتار" بشخصية مفترضة ، فمشى على قدمية و قفز وقاتل وحلّق في السماء ، ثم وقع في الحب ، و اصبح ثائراً مناضلا  ، فساعد في إشعال ثورة  ضد سلطة ظالمة، وكل ذلك بشخصية افتراضية. 
    صدفة غريبة أن تندلع ثورات بعد أقل من عام في العالم  وفي منطقتنا ، بفضل تكنولوجيا الاتصال ، التي نعترف جميعا بأنها منحت الأفراد قوة افتراضية  تفوق قدراتهم من خلال الحضور عن بعد  والتأثير في الواقع بمجرد أن يُعير عقله من بعيد للآخرين في قضية ما .
   ويتفق كثير من الخبراء  على ان مواقع التواصل صنعت جيوشا من  المناضلين والثائِرين الرقميّين،  الذين عاشوا دور البطل ثم تجرأوا على الخروج إلى الشارع لاحداث التغيير ، بغض النظر عن تقديرهم  لثقافتهم ولذكائهم  او لشجاعتهم الحقيقية .
 لكنني أرى  اؤلئك  كابطال وشجعان حقيقيين  رغم كل شيء ، اذ تغلبوا على الخوف  والتفكير في العواقب الى ان اكتشفوا انهم كانوا اصلا يعيشون في واقع افتراضي أراد اقناعهم بالعجز عن التغيير ، فقاوموه وتغلبوا عليه.
  أما الابطال الافتراضيون المزيفون فهم حالة مختلفة حسب اعتقادي   ، فما زلنا نشاهدهم في مناسبات كثيرة  يدارون عجزهم الحقيقي و هم يتجملون على مواقع التواصل ، ويقتحمون حياتنا بأشكال مختلفة : ١- فقير يدعي الغنى. ٢- جاهل يدعي العلم. ٣- جبان يدعي الشجاعة . ٤- فاسد يدعي الشرف . ٥- كاذب يدعي المصداقية . ٦- عميل خائن يدعي الوطنية .
   فكّر قليلا في هذه النقاط الأخيرة بالتحديد ، وأنت تبحر في مواقع التواصل ، وبخاصة عندما تشاهد من يدّعي انه منشقّ او معارضٌ لاجئٌ  وهو جالس في غرفة صغيرة  ليقصف وطنك ويستعين بعدوِك ويثير الفتن في مجتمعك في سعيه لتحقيق الحضور  من بعيد.
برأي أنها ليست إلا نماذج  تداري عجزها ، والأفضل ألا نعيرها عقلنا، وألا نعطيها أي انتباه.