حديث الملقي ..

جفرا نيوز - المهندس عادل بصبوص
وأخيرا تحدث الملقي بعد فترة من الصمت طالت أشهرا في لقاء مع نخبة من شخصيات ووجهاء محافظة إربد رتب له واستضافه الوزير السابق في حكومة الملقي فواز ارشيدات .... كانت فرصة مناسبة لدولته للتحدث مباشرة إلى الشارع الذي ما زال حتى الساعة يحمله وزر ما يعانيه الشعب من مصاعب إقتصادية ... الشارع الذي حاكمه وإدانه دون أن تتاح له فرصة الدفاع عن نفسه .
جاء الحديث الذي استمر ما يزيد قليلا عن عشر دقائق عاطفيا بامتياز حاول د. الملقي من يخلاله أن يطمأن مستمعيه أن الوطن بخير وان الامور في تحسن وان الله يحب هذا الوطن شعبا وقيادة ويتدخل لنجدته حين تدلهم الامور وتزداد الحالة سوءا وما الانخفاض المستمر في اسعار البترول وغزارة الموسم المطري هذا الشتاء الا أمثلة على نجدة السماء لأهل هذا البلد الطيبين .... وختم حديثه بالتأكيد أن خروجه من الحكم كان بسبب أوضاعه الصحية ولا علاقة الإحتجاجات الرابع أو غيره من الدواوير بذلك.
لم تغير كلمة الملقي شيئا في الصورة التي رسمها الشارع والحراك له، لا بل إنها قد زادت الأمر سوءا فالجميع يعتقد أنه قد أرغم على الاستقالة تحت الضغط الكبير والهائل الذي مارسه المحتجون في إعتصامات الدوار الرابع، وما كان على دولته أن يحاول نفي ذلك ابدا، كانت فرصة سانحة أن يحاول الدفاع عن ظلم فادح أحاق به، لا يتمثل فقط في ارغامه على الاستقالة وانما في تحميله وزر حقبة باكملها اتسمت بالتخبط في السياسات وسوء الادارة، لم تكن حكومة الملقي الاكثر "فسادا" في تاريخ المملكة، بل قد تكون اقلها على الاطلاق، عملت قصارى جهدها على الحد من الاقتراض وخفض المديونية، مقابل حكومات سابقة حققت ارقاما قياسية في زيادتها، حاول مواجهة الواقع الاليم المتمثل باوضاع اقتصادية بالغة الصعوبة باللجوء الى الكي فهو آخر الدواء ... مر كالعلقم ... ولكن البديل اشد مرارة ... أخذ قرارات غاية في الشجاعة ... بيد إنه اخفق في تقدير وتوقع التبعات وردود الفعل ... فكان ما كان ....
كثيرة هي القضايا التي كان يمكن ان يسلط الضوء عليها في حديثه، مبددا للصورة القاتمة التي رسمها الشارع له، ابسطها ان قانون الضريبة الذي أسقط حكومته قد تم تمريره اخيرا بعد تعديلات شكلية عليه، وأنه قد حاول التصدي لاختلالات مزمنة لم تجرؤ الحكومات السابقة على الاقتراب منها، فقد وضع العديد من الضوابط للحد من التضخم المفرط في حجم الجهاز الحكومي، كم شخصا وظف من "عشيرته"، وهناك من سبقه في المنصب قد تفاخر وتحدى على الملأ بأنه الاكثر تعيينا وتوظيفا لاهل منطقته ، ألم يمنع الملقي بشكل حازم التمديد لمن بلغ سن الستين وطبق ذلك بكل صرامة وعدالة دون أي استثناء، وهي ثغرة كانت تتيح من خلال الواسطة والمحسوبية التمديد لغاية خمس سنوات لموظفين كبار غير منتجين يتقاضون رواتب مرتفعة 
ألم يقم بإلغاء قرار اتخذته الحكومة في غيابه بإعفاء عدد من كبار الموظفين من مبالغ تقاضوها بغير حق مكافآت وبدلات من المشاركة في مجالس ادارة شركات ومؤسسات خلافا لنظام الخدمة المدنية ...
كانت فرصة سانحة لم يحسن استغلالها الرئيس لتحسين صورته امام العامة .... لم يحاول الملقي الدفاع عن نفسه ابدا ... اهي ثقة مفرطة بالنفس وبأن التاريخ سوف ينصفه حتما ذات يوم ... ربما ...