حزب التحالف المدني ..هل من جديد؟
جفرا نيوز ـ المهندس عادل بصبوص
بمشاعر الارتياح استقبلت أوساط عديدة ترخيص حزب التحالف المدني، الحزب الذي يسعى إلى الوصول إلى دولة مدنية ديموقراطية، والذي يقترن اسمه برموز سياسية واجتماعية على رأسهم المثقف والسياسي والوزير السابق د. مروان المعشر، فهل نحن أمام حزب نخبة آخر يضاف إلى الكثير من الأحزاب التي يجهل غالبية الاردنيين وجودها أم نحن أمام حركة مختلفة ستخلق نشاطا وحيوية في ساحة العمل الحزبي الاردني.
لا يكمن نجاح الاحزاب السياسية فقط في مدى رشاد وصوابية الافكار والفلسفات التي تحملها أو تدعو إليها، وإنما أيضا في مدى قدرتها على إقناع الآخرين بها والإنخراط في العمل الحزبي الجماعي بكل تبعاته وأكلافه، فالحزب السياسي ليس ناديا ثقافياً أو رياضياً، إنما هو تنظيم يحمل مشروعاً للتغيير الاقتصادي والاجتماعي من خلال الوصول إلى الحكم أو المشاركة فيه أو التأثير في توجهات وقرارات من يتولون دفة الحكم.
لقد شهدت المملكة منذ عودة الحياة الحزبية قبل قرابة ثلاثة عقود إنشاء العشرات من الأحزاب السياسية، لم تستطع الغالبية العظمى منها بإستثناء حزب جبهة العمل الإسلامي إثبات وجودها من خلال إيصال نواب لها إلى البرلمان، فهل سوف ينجح الحزب الجديد فيما فشل فيه الآخرون.
لقد فشلت الأحزاب في تحقيق إية نجاحات سواء على صعيد عدد الأعضاء الذين تم استقطابهم لعضويتها أو في عدد النواب الذين تم إيصالهم إلى قبة البرلمان، نتيجة العزوف الكبير للجماهير عن العمل الحزبي ليس بسبب عدم نجاح تلك الأحزاب في تقديم برامج وطروحات مقنعة فقط، وإنما نتيجة سببين أكثر أهمية من ذلك أولهما الانطباعات السلبية عن الأحزاب التي نجحت الحقب السابقة في ترسيخها في أذهان العامة، أما السبب الثاني فهو وجود أطر أخرى أبرزها الروابط و"التكتلات" العشائرية، والتي غدت بقصد أو بغير قصد البديل اللدود للمؤسسات والهياكل الحزبية، لدرجة لجوء الأحزاب بما في ذلك حزب جبهة العمل الإسلامي إلى ترشيح وجوه عشائرية معروفة في الانتخابات النيابية لضمان فوزهم ليس في البوادي والأرياف فقط وإنما في قلب العاصمة عمان، فالوجوه غير العشائرية التي تفوز في الانتخابات محدودة جدا وتكاد تقتصر على دائرتين إثنتين من دوائر عمان الانتخابية، أما نجاح حزب جبهة العمل الإسلامي في إنشاء قواعد حزبية ثابتة ومستقرة في الكثير من المناطق، فليس لأن أعضاء الحزب ومنتسبيه يؤمنون بالحزبية وسيلة للتغيير والعمل السياسي، بل لأن الغالبية العظمى منهم يعتقدون أن هذه ممارسة لا بل فرض من خلاله يتقربون إلى الله زلفى ويضيف الكثير إلى ميزان حسناتهم.
في الوقت الذي تستهوي الكثيرين الشعارات التي يرفعها الحزب الجديد والمتمثلة بدولة ديموقراطية تحمي كل مواطنيها وتحافظ على مصالحهم دون تمييز على أساس المنطقة أو العرق أو المعتقد، فإنها تقابل بريبة ورفض من قطاعات واسعة ترى في أفكار هذا الحزب دعوة للعلمانية وربما الالحاد في بلد يعتبر فيه الاقتراب من معتقدات الناس خطاً شديد الاحمرار ، ليس هذا فقط بل يذهب آخرون بعيدا في التوجس خيفة من أجندات سياسية يعتقدون أن الحزب سوف يسعى إلى تنفيذها، تتصل بحل القضية الفلسطينية أو تصفيتها على حساب الاردن الوطن والشعب من خلال تكريس فكرة ومفهوم الوطن البديل.
سوف يكون الحزب مضطرا لخوض العديد من المعارك والمواجهات غير مضمونة العواقب، ومواجهة أعداء وخصوم شرسين أبرزهم العشائرية التي غدت المؤسسة الأقوى في مجال مواجهة إية محاولة لتغيير المعادلات السائدة والتي إصبحت مسلمات وخطوط حمر يحظر الاقتراب منها، والتيار الديني الذي يكتسب حضورا بارزا لدى الكثيرين، وتيارا محافظا يرى في أفكار هذا الحزب تهديداً لحضوره ومكتسباته.
بالرغم مما تقدم سوف يمثل الحزب الجديد إضافة نوعية إلى الساحة الحزبية الاردنية بسبب تميز ووضوح المشروع الذي يحمله، وسوف يثبت حضورا يفوق حضور الغالبية العظمى من الاحزاب القائمة حاليا ما عدا حزب جبهة العمل الاسلامي، إلا إن ذلك لن ينعكس في نجاحات وإختراقات ملموسة في أية إنتخابات نيابية قادمة إلا في حالة واحدة مستبعدة إن لم تكن مستحيلة الحدوث إلا وهي تعديل قانون الانتخابات بحيث يصبح الاردن بمجمله دائرة إنتخابية واحدة.