نحن نورث أبنائنا كره الوطن!!
جفرا نيوز - بقلم الدكتور محمد أبوعمارة
نحن لا نورث أبنائنا إلا كره الوطن وانتقاد المعيشة والتذمر من كل شيء... لأننا أصلاً لا نحب الوطن من قلوبنا... بل نحب الوطن الذي يوافق هوانا ليس إلا...
هناك ما يسمى في عالم التربية والتعليم المنهج الخفي... وهو أشد خطورة من المنهج الصريح أو الرسمي الذي يُعدّه الخبراء وفق حاجات الطلبة النمائية والمعرفية وحسب سياسات وقناعات تلك الدولة.
والمنهج الخفي والذي هو عبارة عن مجموعة المعارف والأفكار والقيم التي يتعلمها الطفل بدون تخطيط من المنظرين أو المديرين أو أولياء الأمور نتيجة الاحتكاك بالأقران أو التقليد أو النمذجة أو غيرها من المشاهدات.
فيدخل الأب إلى منزله لاعناً للغلاء ولأزمة الطرق وللجو وللفريق الخصم ولبائع الخضار ولموزع الجرائد ولحارس العمارة فيكتسب منه الطفل طاقة سلبية تجاه كل هؤلاء وبعدها يتخاصم مع زوجته –لأن ملح الطعام قليل- وبعدها يبدأ الشكوى من العمل وسوء المدير وقلة الرواتب، فتجيبه زوجته بالشكوى من الإضطهاد بالعمل وأزمة الطرق وغلاء المواصلات وبرودة الجو وكثرة المطبات وبُعد المولات وطول لسان الصديقات وتستمر بالإنتقاد اللاذع لكل الكائنات الأحياء منهم والأموات لا وبل للجمادات...
فيكون الجو عادة مشحون بتلك الطاقة السلبية التي تخيم على المكان وينسى الأب والأم أن هناك من يتلقى هذه الرسائل بطريقة خفيه وهم الأبناء فينضج الابن أو البنت وهو كاره للوطن بسبب غلائه والظلم والاضطهاد الموجودين فيه وكثرة المطبات وعدم احترام الانسان و... و...، فتراه لا يختزن إلا السلبيات ومن هنا تراه يحلم دوماً بالهجرة إلى أي بلد آخر وفي حال تم ذلك يرى ذلك البلد أفضل بكثير من وطنه والبعض لا يعود لوطنه حتى للزيارة - في كثير من الأحيان - وهنا يبدأ مسلسل الحزن على الولد الذي هاجر وكره البلد... متناسين أنهم هم –الأب والأم- السبب في ذلك....
وهنا يجب على الجميع، الأب والأم والمعلم والسائق وكل من يتعامل مع النشء أن يراعي أن كثرة التذمر والانتقاد تلعب دور المنهج الخفي في زرع الكره والحقد لدى الأطفال للوطن لذا علينا أن تكون إيجابيين ما استطعنا فالوطن الذي نتغنى به يحوي كل من نحب يضم تلك الأدراج الجميلة التي لعبنا عليها كثيراً وذلك البائع اللطيف الذي طالما كتب مشترياتنا على أوراق دفتر مهترئ وتحمل ديوننا وذممنا دون وضع الفوائد عليها ويضم ذلك الحي الدافئ الذي يسأل فيه الجار عن جاره ويضم الجدّه التي تحكي حكاية في كل اخدود من أخاديد ذلك الخد الجميل، الذي يحوي شجر الزيتون والتين وتضم رجل الأمن الذي يحبنا ويحرسنا ليل نها ويضم ذلك الحلاق الثرثار الذي يمتعنا بقصصه الجميلة... الوطن يحوي من الجمال ما يجعلنا نقفز عن المطبات وغلاء الأسعار وأزمة الشوارع... علينا أن نجعل من أبنائنا مقبلين على الحياة محاولين خلق الحلول لمشاكلهم وليس التذمر والشكوى فقط... محبين لوطنهم بصدق وليس على صفحات الإنترنت فقط...
علينا أن لا نكون ناكرين للجميل حتى لا نصنع جيلاً من ناكري الجميل لوطنهم ولآبائهم.