في ذكرى الثورات العربية
جفرا نيوز - إسماعيل الشريف لا تكن عبدا لغيرك، وقد خلقك الله حرا – الإمام علي في السابع عشر من شهر كانون أول عام 2010 أشعل بوعزيزي النار في جسده المنهك، اعتقدنا آنذاك أننا شهود على أسطورة جديدة بدأت بالتشكل، ولكن بعد ثمانية أعوام تبين أنها لم تكن إلا خبرا عنوانه ليل مظلم وحروب وانهيار دول وتشرد وقتل وعودة للديكتاتوريات بشكل أبشع كثيرا من ذلك اليوم المشؤوم. بعد ثمانية أعوام أصبح الإنسان العربي أكثر يأسا، أقل حرية، إن لم يكن هدفه محصورا في البقاء على الحياة كما في دول عديدة فسيكون البحث عن لقمة العيش أو وظيفة تافهة في بقية الدول الأخرى. أما الأنظمة العربية فهي تعيش في كابوس مرعب فشلت في أن تصحوا منه، فهي مرعوبة من أن تنفجر فيها ثورة، ومرعوبة من أن تنفجر ثورة في دولة أخرى، فقد علمتها التجربة أن الثورات معدية. وعندما تبدأ الاضطرابات سنرى دولا تهرع فورا لمساعدة جارتها المهددة فتمدها بالمال كما حدث مع الأردن في هذا العام، وإذا تفاقمت الأمور وبدأت الرؤوس بالترنح فستكون فرصة لهذه الدول لزيادة نفوذها وتصفية حساباتها القديمة وتأمين الولاء المطلق لها على يد أحد الفصائل المرشحة لتسلم القيادة فتغرقه بالمال والسلاح، وقد أدت هذه السياسة إلى تدمير دول عديدة. بداية اعتقدت هذه الدول بأن هذه السياسة قد نجحت في ليبيا ولكن بعد أن انجلى غبار الثورة ورحل النظام قطّعت ليبيا لمساحات تسيطر عليها فصائل مسلحة ووقعت البلد ضمن البلاد الفاشلة وما زالت تبحث عن بوصلتها. ثم حاولت استنساخ تجربتها هذه في سوريا فكانت نتيجتها أسوأ كارثة إنسانية راح ضحيتها نصف ملون قتيل وعشرة ملايين مشرد. والرعب الآخر الذي تعيشه الدول العربية يتمثل في الدول الإقليمية في المنطقة وخاصة إيران، فلم تحدث مواجهات عسكرية مباشرة معها ولكن حروب وكالة طاحنة ومستنقعات واستزاف تدفع ثمنها شعوب عديدة على رأسها اليمن. ونتيجة لهذا الخوف المبالغ فيه من إيران أُبرمت صفقات سلاح خيالية استنزفت خيرات الشعوب العربية، ثم بدأت الدول العظمى بابتزاز دول المنطقة فأخذت ما بقي من تلك الثروات. والآن بعد ثمانية أعوام من الثورات العربية، فالدول العربية الكبيرة قد انهارت بشكل أو بآخر، وهنالك تقارب أكثر مع الكيان الصهيوني لمواجهة إيران، ومليارت تدفع أتاوات للسيد ترامب مع حالة انعدام الثقة مع الولايات المتحدة مما أدى إلى البحث عن شراكات جديدة مع روسيا والصين، وتغلغل تركي في شمال سوريا، وانتهاء التعاون العربي، وفشل ذريع في إدارة الأزمة مع إيران، ففتح أية جبهة جديدة أصبح معناه منطقة نفوذ إيرانية جديدة. أصبحت منطقتنا مغناطيسا للوجود العسكري من كافة القوى العظمى التي تتهافت للاستيلاء على كل ما تصل أيديها إليه، وبينما تتراجع مكتسبات المنطقة يلقى باللائمة على حركة الإخوان المسلمين الذين أصبحوا الشماعة التي تعلق عليها جميع الإخفاقات، التشتت والتشرذم مستمران مع بداية تفكك أنجح منظمة أممية هي دول مجلس التعاون الخليجي، وكل دولة تبحث عن مصالحها من منظور ضيق جدا من حيث الزمان والمكان.