ماذا اقول لك يا وصفي !

جفرا نيوز - كتب : المهندس وصفي عبيدات - سبع واربعون عاما مضت لم تغب فيها عن اذهان الاردنيبن لحظة ، سبعة واربعون عاما ونحن نمنّي النفس لو انك باقٍ بيننا ، لم ينساك ابناء جيلك ولا الجيل الذي لم يراك ، لم نعرفك بشخصك ولكنّا عرفناك بعملك ، الوطنية التي زرعتها على ارض الوطن وارضك شامخة لا تهاب سهام الحاسدين ولا الحاقدين الذين اذا ذُكرت عندهم صمّوا آذانهم واحمّرت عيونهم وعبست وجوههم ، عرفناك بأقوالك وافعالك ، زرعت قمحاً بين الشوك وعلى الصخر فنبتت سنابله شامخة شموخ العز الذي رويت به زرعك ، عرفناك من رائحة دمك التي اراقها اعداء الوطن فهم لا يريدون رجالاً يحبون الوطن . وصفي التل يا ايها النجم الذي لم يغب شعاعه في ليال الظلام المسرمد الذي اطفأوا كل شموعه ، لم تغب اهازيج البهجة والفرح حين كان يراك اهلك وربعك ، اغانينا الوطنية التي تغّنت بك لا زالت اذاننا تطرب عشقاً لسماعها ، كنت الجندي البطل الذي لا يهاب الموت ويا مرحبا بالموت ان كان من اجل الوطن ، مراسل في دوائر الوطن كنت ، معلما مهندسا طبيبا تاجرا في كل مهنة تخدم الوطن كنت انت ، احبك الاردنيون كل الاردنيين ، صورك التي كانت تزداد بهائاً عندما كنت تقف جنباً لجنب مع قائدك الذي احبك كما احببناك نحن ابناء وطنك ما زالت معلقة على جدران دواويننا ، كلمات الرضى وبسمات الحب والاحترام التي كان يرسمها جلالة المغفور له الحسين الانسان عندما يراك تعبر عن قربك من قائدك ووطنك . آه يا وصفي كم كنّا نتمنى ان نعيش واياك زمناً طويلاً وكأنّ نبئاً من السماء كان نذيراً لما سيحل بالوطن بعدك ، نالت منك يد الغدر والخيانة فقط لأنك لم تساوم على حبك لوطنك ، فطرت شهيداً لتمتلئ السماء برائحة عطرك ، وهل اعظم شهادة من شهادة دفاعاً عن وطنٍ احبّك ؟ . اليوم يا وصفي وكم اعشق اسمي لانه مثل اسمك ،اليوم تبادلت علينا الرجال من كل صوب وحدب ، يحملون كلّ همّ الا همّ الوطن ، أُترست جيوبهم بكل ما مِتَّ من اجله ، أُترست بكل ثروات الوطن حتى اصبحنا مضحكة عند من كانوا يتمنون ان ينالوا شرف مصافحتك ، اليوم يا وصفي الفقر الذي دافعت عنه اصبح هو لباسنا وطعامنا وشرابنا ، هجرنا الارض لانهم علمونا ان الزرع لا يجدي فأطعمونا خبزاً مخلوطاً بهوائم الارض انجسها ، تخلينا عن الزراعة وركوب الدواب ، واصبحنا نلبس الافرنجي ونقود السيارات ، بنزيننا اصبح اغلى من الذهب ،خبزنا اصبح اغلى من اللحم ، شوارعنا يا وصفي اصبحت كمائن لقتلنا ، جيوبنا مخزوقة لا يثبت فيها درهم ولا دينار فلقد تفننوا بسن القوانين والضرائب علينا ، آه يا وصفي لو ترى ما حلّ بنا من قهر وفقر من جوع وعوز لو تدري ان لا شجرة زرعت بعد ان انقطع عطاء يديك الطاهرتين عن الزرع ، لم يبقى في الاردن الا غابات وصفي ، فلقد زرعوا الارض احجارا وقصوراً وشوارعاً للسيارات . ماذا اقول لروحك الطاهرة ايها الشهيد وصفي ، فليس لدي ما اقول لك الا رحمك الله وجعلك في فردوس جنته .