التدابير الوقائية..فاجعة البحر الميت تدق الناقوس
جفرا نيوز - كتب - حاتم العبادي انشغل الرأي العام الأردني، بحادثة وفاة الطلبة في البحر الميت نتيجة السيول الجارفة أمس الأول، أو ما اصطلح على تسميتها بـ «فاجعة البحر الميت»، والتي راح ضحيتها (21) شخصاً جلهم من الطلبة. وتدق هذه الحادثة، التي هزت مشاعر الأردنيين جميعاً، وعلى رأسهم جلالة الملك عبدالله الثاني وولي عهده سمو الأمير الحسين بن عبدالله الثاني، ناقوس الخطر، فالملك عبر عن ذلك بقوله «حزني وألمي شديد وكبير، ولا يوازيه إلا غضبي على كل من قصر في اتخاذ الإجراءات التي كان من الممكن أن تمنع وقوع هذه الحادثة الأليمة. أعزي نفسي وأعزي الأردن بفقدان أفراد من أهلي وأسرتي الكبيرة، فمصاب كل أب وأم وأسرة هو مصابي. إنا لله وإنا إليه راجعون». هذا الغضب الملكي، يجب أن يضع جميع المسؤولين في الدولة الأردنية أمام مسؤولياتهم، لا البحث عن مبررات ومسوغات لما حصل وإدراجه بأنه «قضاء وقدر». عدم وضوح المعلومات المتداولة حول مجريات ومعطيات الرحلة المدرسية، قد تلقي بالمسؤولية على جهة أكثر من أخرى، ولكن بالنهاية الجميع مسؤول، سواء أكان ذلك المدرسة أو وزارات التربية والأشغال والسياحة. وتتمثل مسؤولية وزارة التربية والتعليم في مديرية التعليم الخاص، وكذلك مديرية النشاطات المدرسية في الوزارة «إن وجدت»، بالإضافة إلى إدارة المدرسة، فحسب المعلومات التي تم تداولها بالأمس أن طلب الإذن بالرحلة كان لمنطقة مختلفة إلى ما ذهب إليه الطلبة، وهنا يجب أن تتحمل المدرسة المسؤولية الكاملة. وعلى مدار يومين ودائرة الأرصاد الجوية، تحذر من أجواء وظروف جوية قوية ستعبر البلاد خلال الفترة المقبلة، ليكون السؤال، أين دور مديرية التعليم الخاص أو مديرية النشاطات المدرسية بالوزارة «إن وجدت»، بإصدار تعميم بتأجيل ووقف جميع الرحلات المدرسية، خلال هذه الفترة. وينسحب ذلك الافتراض على إدارة المدرسة نفسها، والتي يفترض أنها على علم بهذه الظروف الجوية، فلماذا لم يتم تأجيل الرحلة ولماذا تغيير مسار الرحلة إذا صحت المعلومات التي تم تداولها، ولم تتحدث عنها وزارة التربية والتعليم عن صدقيتها في بياناتها وتصريحاتها. هذه الحادثة، تفرض على مؤسسات الدولة الاطلاع بشكل يومي على نشرات دائرة الأرصاد الجوية، حتى يكون الجميع على اطلاع واتخاذ ما يلزم في ضوء معطيات تلك النشرات. ويجب أن لا نضع رأسنا بالرمال، ويجب أن نتحدث بصراحة، فكثير من المواطنين، باتت لديهم فجوة ثقة أو غيابا للثقة مع ما تبثه دائرة الأرصاد الجوية من توقعات حول حالة الطقس، وبات المواطنون يلجأون إلى مواقع خاصة للوقوف على حالة الطقس. وبحكم أن تلك المنطقة تعد من المناطق السياحية، فأين دور وزارة السياحة والآثار في تحديد أماكن آمنة للتنزه سواء للطلبة أو السياح المحليين والأجانب، وأين التشابك بينها وبين وزارة الأشغال العامة والاسكان في توفير بيئة امنة قادرة على مواجهة مثل هذه الظروف. هذه الحادثة تقتضي أيضاً على وزارة السياحة والآثار التشابك مع وزارة الصحة بتأمين كادر طبي متحرك في تلك المناطق ليكون جاهزاً في حال أي طارىء، لا الاعتماد على نظام الفزعة في أي ظرف قد نكون بحاجة إليه. وبحكم أن تلك مناطق سياحية، لماذا لا يكون هنالك كوادر وفرق متجولة لوزارة السياحة والآثار والصحة متواجدة في هذه المناطق وابراج مراقبة، تكون جاهزة في حال استجد أي طارىء. وبالعودة على مسؤولية وزارة التربية والتعليم، فإن المعلومات المتداولة، فإن تلك المدرسة لديها في سجلاتها أخطاء سابقة، وعليه، لماذا لم يتم النظر في منح الموافقة على رحلة مدرسية التأكيد على اتخاذ كافة الاجراءات الاحترازية التي يجب اتخاذها. ما حدث، يكشف عيوبا كبيرة وكثيرة، ومسؤولية، في مختلف الجوانب، ويجب محاسبة المقصرين، واتخاذ ما يلزم، ليس لجهة أن يكون العقاب مقتصراً على جانب مسؤولية أخلاقية، التي قد تكون مخرجا ومنقذا للمقصر، بل يجب أن تكون هنالك محاسبة قانونية، لا تقل عن إغلاق المدرسة والزام مالكيها بتوفير مقاعد دراسية لطلبتها في مدارس أخرى بذات السوية، حتى لا يظلم الطلبة، وأن يحال جميع القائمين على المدرسة إلى الجهات القضائية، ومحاسبة من يمنح مثل هذه الموافقات دون الأخذ بعين الاعتبار المستجدات سواء الجوية أو المدرسية أو السجل المدرسي لكل مدرسة، وأن لا تقتصر عملية الموافقة على إجراء روتيني، يتمثل بتقديم استدعاء تتم الموافقة عليه دون أدنى شروط يجب تحققها سواء قبل أو أثناء أو بعد الرحلة المدرسية. فاجعة البحر الميت، باتت توسع فجوة بين المواطن بمؤسسات الدولة، وهذا ما تتحدث عنه على الدوام نتائج استطلاعات الرأي العام حول الحكومات المتتالية عن وجود فجوة، ولكن للأسف لم ينتبه أي من المسؤولين عن السبب الحقيقي الشامل، بل كان التفكير يتجه دوماً إلى البعد الاقتصادي والتعامل معه على أساس واقع لا يمكن تغييره.