ساعة الملك..
جفرا نيوز- كتب: عبد الهادي راجي المجالي
قبل (3 (أشهر التقينا الملك، أنا ومجموعة من الزملاء في قصر الحسينية، كان نصيبي أن أجلس بجانبه تماما، ولم
يفصلني عنه سوى رئيس الديوان.. وتلك ليست المرة الأولى التي أجلس فيها معه.
أقل من متر، كانت المسافة بيننا.. وأمضيت أنا وزملائي أكثر من ساعة ونصف في الحديث والحوار معه... لم تغب عيني عنه أبدا وبقيت مستمع لما يقول، ومراقبا ما يفعل.. وحين تقابل ملكا عليك أن تلتزم بزي رسمي مقبول ..
حين عدت للمنزل سألني (زود) ابني عن الملك، والأطفال بطبعهم يحبون معرفة التفاصيل... ويحبون الواقع أكثر مما تعرضه الشاشات، قلت له: إنني كنت أرتدي ساعة في اللقاء من نوع (بريتلنج).. وقد جاءتني هدية، بعد مشاركتي في مؤتمر بدولة شقيقة، وللعلم الساعة التي كنت أرتديها ثمنها ربما (5 (أضعاف ثمن الساعة التي يرتديها الملك، فهو لا يلبس ساعات مطعمة بالألماس ولا بالذهب.. أغلب الساعات التي يرتديها لا يتجاوز ثمن الواحدة ألف دولار، وكلها عسكرية.
وكنت أرتدي ربطة عنق، اشتريتها من بولندا خلال دعوة وجهت لي.. وثمن ربطة عنقي أظنها أعلى من ثمن (بلوزته)، فقد دققت في الماركة، واكتشفت أنها موجودة في عمان.. ولا يتجاوز ثمنها (40 (دينارا على أعلى تقدير... حتى البنطال، قد ظهرت عليه اثار الإستعمال الكثير...
ملكا عليه، لم يرتد ساعة في يده يتجاوز ثمنها (500 (دولار في حين أن مقاولا غير مصنف في عمان، لا يتعاطى إلا مع عطاءات الأرصفة يرتدي ساعة، ثمنها (90 (ألف دولار.
الملك بسيط جدا، وطيب جدا... وحين جاء إلى اللقاء، كانت اثار التعب عليه، وكان واضحا أنه أفاق مبكرا.. فقد ذهب في جولة على القوات الخاصة قبل اللقاء..
أحيانا ننتقد السلطة، وفي داخلنا ندرك أن قصر الحسينية.. أبسط بكثير من فلل عبدون الفاخرة، وأقل تكلفة... ننتقد بشدة وعنف دون أن نتبصر أو ندقق في التفاصيل.. وفي داخلنا نعرف أن ثمة نظام حكم في الأردن، يحتمل من الناس ومن المعارضين أكثر مما يحتمله الصخر..
قبل (3 (اشهر جلست مع الملك، وأنا أعرف أن الملك يستطيع أن يرتدي أثمن الساعات في العالم، وأدري أن البعض سيلوموني على أني أخذت من كل هذا المشهد فقط ساعة الملك.. لكن القصة ليست كذلك، القصة أعمق من ذلك بكثير.. القصة باختصار وإن كانت ساعتي أثمن من ساعة الملك، ولكن الجلوس مع عبداالله بن الحسين ولو دقيقة واحدة.. هي في نظري أثمن وأغلى من كل شيء في الدنيا..