هبوب الجنوب يكتب : رجائي ..ورجائي منه

جفرا نيوز - خاص - كتب – هبوب الجنوب .. الكتابة عن رجائي المعشر , متعبة وخطرة ..متعبة لأنها مغمسة بالحب وليس بالكره , فإنتاج الكره أمر سهل بعكس الحب تماما وخطرة لأنك لا تحب أن تظلم رجلا ...تحمل الجراح بأكثر مما يتحمل غيره ... ثمة مرحلة مهمة , في حياتنا وحياة هذا الشخص , وهي اللحظة التي قرر فيها أن يمتلك صحيفة العرب اليوم ..لم يكن قرارة تدخلا من الدولة , ولا حفاظا على أرزاق ناس تقطعت بهم السبل ..ولكنه كان قرارا مهما , لرجل يؤمن بضرورة الصوت الوطني المعارض , يؤمن بضرورة الإعلام الأبيض النظيف أكثر من الإعلام المتلون ...وحين امتلكها , امتلك مشروعا ...قض مضاجع البعض . وأرعب اخرين . لهذا كانت العرب اليوم , عبر طاهر العدوان وفهد الخيطان وسلامة الدرعاوي ...جبهة مهمة في تعرية قوى الكوميشين والليبرالية الجديدة , بالتحديد تلك الحرب الضروس التي خاضها العدوان ورفاقه , ضد باسم عوض الله ..ومشروعه في الدولة. ..يسجل لرجائي المعشر , أنه حمى هذا الموقف ...يسجل له أن محاولات عديدة جرت لوأد الصحيفة ولبتر كل قلم حر فيها وكان يقف ماليا ...وسياسيا خلف هذا المشروع , وكان رده بأن أقحم ناهض حتر أيضا في هذه الحرب . العرب اليوم , هي من عرت مشروع الليبرالية الجديدة في الدولة وهي من وعت الناس بخطورة سدنة أصحاب المشروع , والكل يذكر حديث فواز الزعبي عبر صفحاتها حين قال : (إن إدارة الوطن تشبه إدارة الشركة) ... يسجل لرجائي المعشر , أنه في تلك الفترة , قاد هذا المشروع بضراوة , وتحمل تبعات ..الهجوم عليه , تحمل الخسائر ..ولكنه كان يؤمن أنه لابد من قيام تيار وطني , يوقف تغول ..هذه الطغمة في مفاصل الدولة , وكانت العرب اليوم ...هي الطليعة والمقدمة , فقد تفوقت على النقابات والأحزاب ...وأسست منبرا للمتقاعدين العسكريين وعلى رأسهم الباشا موسى العدوان ...وللنقابيين , وللنخبة المثقفة من أمثال موفق محادين ... يسجل لرجائي المعشر , أنه أوقف مؤقتا تغول هذه الفئة في مفاصل الدولة وكون تيارا إعلاميا سياسيا عريضا ...وكان بإمكانه أن يؤسس قاعدة لحزب وطني ..مهم , ولكن لا نعرف مالذي حدث فيما بعد ودعاه ..ليتوقف . هذه المرة عاد المعشر , ولكن ليس بمشروع وطني إعلامي بل عاد ليكون اللاعب الرئيسي في مطبخ القرار الحكومي , والمشكلة وما يدعوك للإستغراب ..أنه يقود تيارا إقتصاديا هو ذاته من بقايا الطغمة الليبرالية , التي قاتلها وأوقف تغولها في مفاصل الدولة ...حين قاد معركة العرب اليوم معها . هذا سؤال مشروع نرميه بكل ما في اللحظة من قلق بين ثنايا قلب أبو صالح , ونسأله في ذات السياق ..وذات الوجع , سؤالا أيضا ومفاده : لقد رأى فيك الأردني رأس المال الوطني الحلال ...ورأى فيك , أنك المدافع عن حلمه ..منذ وصفي التل وحتى وصفي التل ...فهذا الرمز لايوجد لحظة تاريخية لوجوده لأنه غاب بالجسد وبقي المشروع ...والرمز ...ورأى فيك أيضا صدقا ونزاهة ومروءة ....كيف إذا يا رفيق الخطى المتعبة , والصبر على فاجعات الزمن ....تعود عبر بوابة حكومة , لاهي في السياق تشبه سياقك التاريخي , ولا هي في المواقف ..تشبه جزء من معاركك الضخمة التي خضتها , ولا هي في التكوين الإجتماعي تشبه وعيك ..والوطنية الصارمة التي تربيت عليها وشربتها من صالح المعشر . من حق الأردني أن يعاتبك يا أبا صالح ...ومن حق من أودع أمواله في البنك الأهلي ذات ضحى مضمخ بالعرق أن يعاتبك لأنه كان يرى في هذا البنيان صورة صالح المعشر , الوفي والسخي والكريم ...ومن حق من ساندوك من المتقاعدين العسكريين ..ومن الفلاحين والبدو , والذين زاروا مكتبك ..ونثروا همهم الوطني أمامك ..أن يعاتبوك أيضا , عتبا بحجم الشيب في رأسك ..على هذه الإنعطافة التي ما كان يجب أن تكون . أنا اعرف أن العرب اليوم , أجهضت كمشروع وحلم ..وأعرف حجم ما قاسيت , وقاسى من عملوا بها , لكن هذا المشروع ليس مجرد تاريخ عبر , بل هو المدماك الأصيل الذي أسس عليه الأردني فيما بعد , قاعدة الإنطلاق لمواجهة ..مشروع تفكيك بناه الإجتماعية والسطو على ما بنى وما أنتج وما صنع ... غادر هذا الجسم المبتلى بالضعف , فأنت قدرك أن تكون مبتلى بالصبر والحب ..وقدرك أن تجلس في مكتبك وتستقبل المحبين والأصدقاء , وتعيد انتاج مشروع وطني جديد يشبه العرب اليوم ..تضم فيه المبدعين وأصحاب الأحلام الذين ظلمتهم الدولة وأبعدتهم عن ظلالها , وهمشت فيهم الحلم والمستقبل ...غادر هذا الجسم المبتلى بالضعف , وعد لزمانك الأردني الناصع ...الذي كنا نقرأ لك فيه ..من ذكريات صالح المعشر وعبالحليم النمر وهزاع وسليمان النابلسي ...هذا هو زمانك الحقيقي صدقني , زمن العمالقة ...وزمن قصصهم وقتالهم في سبيل البلد وأهلها ..زمن مثنى غرايبه وهالة زواتي ليس زمنك صدقني . هل وصلتك رسالتي يا عم ؟ سامحنا أن تجاوزنا أصول الخطاب , ونحن سنسامح الدحنون والريحان والورد المزروع في حواف أوردتك ...إن عاد عبيره إلينا للسلط والكرك ومعان ...للعسكر الذين جاءوا لزيارتك , للمثقفين الذين فتحت بابك لهم حين أغلقت الدولة أبوابها , وللذين أحبوك بصدق القلب وليس بزيف النظرة ... صدقني أن هذا الجسم الضعيف لايليق بك أبدا . واسلم لنا أيها الحبيب .