حلا سامي المجالي تكتب : "الشباب في مواجهة التطرف"

جفرا نيوز - بقلم: حلا سامي المجالي .
بدايةً الرحمة لشهدائنا الأبرار الذين قدموا أرواحهم فداءً لتراب الوطن وحفاظاً على أمنه واستقراره ورفعته .
ان التأثيرات السلبية التي تستهدف الشباب في مختلف المجالات كثيرة ومتعدّدة ، ويمكن استغلال ضعف جهود البناء الفكري والمعرفي والنفسي للشباب ، مما يدفعهم وتحت ضغوط الحياة اليومية نحو الإنحراف ، ليصبحوا ( أدوات هدم وليس كوادر بناء) . ولا يمكن الحديث عن الشباب والتطرف بمعزل عن السياق الإجتماعي والسياسي والأقتصادي والثقافي والتربوي القائم . فالشباب جزء لا يتجزأ من تركيبة المجتمع ، فهم شركاء الحاضر ، وكل المستقبل ولهم الدور الأبرز والمميز في دعم مسيرة المجتمع ، وتفعيل العملية التنموية الشاملة ، نماءً وإنماء ، لاعتبارات بشرية وتنموية وسياسية وغيرها . فالتطرف ظاهرة إجتماعية تتأثر وتؤثر في غيرها من ظواهر مختلفة . والتطرف هو خروج عن القواعد الفكرية والقيمية والمعايير والأساليب السلوكية الشائعة في مجتمع ما . وهو تحول من مجرد فكر الى سلوك ظاهري يتسلح بالعنف وسيلة للوصول الى اهدافه . بمعنى أن التطرف يتصل بالحقد والكراهية والعدوانية والتعصب بالرأي والعنف والقتل والتدمير ، وغيرها من مسميات اخرى . فالتنظيمات الارهابية تستغل عقول الشباب وتزين افكارها لهم وتستغل كافة وسائل التواصل الإجتماعي للوصول الى هؤلاء الشباب ، مما يجعل هذه الوسائل مؤثرة بشكل مباشر على سلوكياتهم و ردود أفعالهم وتشكل قناعاتهم ، بمعنى أن الشباب قد اصيبوا ( بالإدمان الإلكتروني ). و مخطئ من يظن ان هنالك عاملاً واحداً فقط قد يؤدي الى التطرف، ولكن ثبت أن هنالك مجموعة من العوامل المختلفة المؤثرة في هذا الموضوع ومنها على سبيل المثال : الظروف الاقتصادية والاجتماعية ، ضعف الوعي الأسري والسلطة الأبوية ، ضعف المواجهة العلمية إتجاه هذه الموضوعات ، غياب الحوار الهادف داخل المنزل، ثورة المعلومات التكنولوجية ووسائل الاتّصال التي اصبحت كماً هائلاً من المعلومات لدى الشباب وعدم القدرة على ضبطها و تفريغ الطاقات الكامنة لدى الشباب . ولمواجهة هذا التطرف فإننا بحاجة الى ما يلي :
- تكثيف البناء المعرفي والسلوكي والنفسي والأخلاقي.
- غرس مفاهيم المواطنة الحقة ومبادئها ومعاييرها .
- غرس مفاهيم الدين الإسلامي الحنيف بسماحته وعدالته ومساواته ورحمته وقيمه الأصيلة ( وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ).
- ضرورة مشاركة الشباب في صناعة السياسات الخاصة بهم ، فالمشاركة ستؤدي الى تعليم الشباب أصول المواطنة النشطة والقيم الديمقراطية الإجتماعية، فالحوار يجب أن يكون (شبابي-شبابي).
- تدعيم الوسائل الثقافية من كتب ومجلات وصحف ومواقع إلكترونية والتي تشكل عاملاً هاماً في تكوين الرأي العام وتوجيهه لمكافحة التطرف والإرهاب والعنف ، وإن يقوم كل قطاع من قطاعات العمل الثقافي بدوره في هذه المواجهة ، فالشعر قادر على توجيه عواطف الناس الى حب الخير والإنتماء ، والندوات والمهرجانات والمسرحيات وعرض الافلام الخاصة بالتعصب والتطرف تعمل معاً في الحفاظ على الوطن وابنائه و مقدراته واشاعة روح المحبة والتعاون والانتماء .
- اختيار العلماء المتخصصين القادرين على الحوار والنقاش والإقناع ومحاورة الشباب بالادلة والحجج والبراهين.
- تعزيز دور المؤسسة التربوية والتعليمية بشقيها : التربية والتعليم والتعليم العالي والإنفتاح على البيئة وتنمية الحوار وتعزيز الأمن الإجتماعي، وتفعيل آليات التنمية وأبعادها ، وان يكون للمختصين والمعنيين فيها ادوار في التوجيه والاقناع و مزيد من الفهم الصحيح واظهار زيف وخداع الآخرين والعمل على وقاية النشئ وتحصينهم فكرياً وتثقيفهم بالمعارف وتزويدهم بالمهارات والتعامل مع العنف والمروجين له بتدريس ثقافة الاعتدال والوسطية والتسامح .
- تأهيل الشباب الى سوق العمل وتأهيلهم فتح مشاريع صغيرة وتشجيع القروض الميسرة ، ودعم هذه المشاريع و متابعتها وخاصة في المحافظات البعيدة .
- ضرورة التكامل ما بين المؤسسات المختلفة في كافة المجالات بحيث لا تنفرد مؤسسة بسياسة خاصة بها دون الاتفات الى سياسات المؤسسات الأخرى و أن توضع برامج وخطط من قبل هذه المؤسسات لمحاربة الفقر والبطالة ، وايجاد فرص عمل للشباب.
وخلاصة الأمر ، ان التطرف بحاجة الى مواجهة علمية حقيقية وعمل جاد بتحويل الخطط والبرامج والاستراتيجيات الى برامج عملية قابلة للتطبيق وان يتم قياس هذه البرامج وتقييمها دورياً . كمان ان شدة العنف والتطرف تتنامى طردياً مع الفقر والجوع والبطالة والإحباط والقهر وغياب العدالة الإجتماعية ، اضافة الى جملة من المعطيات الأخرى التي لا يمكن إغفالها او التغاضي عنها .
حمى الله الاردن وجعله واحة أمن واستقرار في ظل قيادتنا الهاشمية .