هبوب الجنوب يكتب .. " ألف انتحار "
جفرا نيوز - خاص - كتب- هبوب الجنوب
صديقي العزيز ..
بصراحة أنا لا أعرف اسمك ومن أنت , كل ما أعرفه هو أنك صعدت إلى شرفة مجلس النواب , وصرخت ...ورميت بنفسك وجعلت الرئيس يترك من مكانه لأجلك ...
أنت يا صديقي العزيز ولأول مرة في تاريخ الأردن تعطل الحياة التشريعية ..لأول مرة , تجعل الثقة تتوقف , ولأول مرة في تاريخ الأردن يغادر رئيس وزراء جلسة ثقة ..تقرر مصيره السياسي لأجلك .
هل تعرف ماذا فعلت ؟ جعلت عيون الأردنيين شاخصة إليك ..لدرجة أن منظرك , لكثرة ما شدني جعلني أدقق في (الصندل) الذي ترتديه ..نعم كنت ترتدي (صندلا) ...لقد جعلت مجلس النواب يقف على قدم وساق والحكومة تتحرك , والأمن يتحرك والمواقع الإخبارية والصحف , هي الأخرى تحركت ..وتسابقت لمعرفة اسمك وحاجتك .
انت أفضل منا جميعا ..تخيل طارق مصاروة الذي قال عنه صدام حسين : (لقد قاتل طارق مصاروة بقلمه أكثر مما قاتل لواء عراقي مدرع في الحرب مع إيران) ...ها هو يصارع لأجل الحياة , لم تسأل عنه حكومة أو مجلس نواب ...وأنت (بصندلك النبيل) حركت كل القلوب ....تخيل أن عدنان أبو عوده ومروان القاسم الذين صاغوا القرار السياسي في فترات خطيرة من عمر الوطن , لم يهاتف الرئيس أي واحد منهم ..لم يسألهم أو يستشرهم عن الموقف العربي أو عن المستقبل ..وهاهم الان يقومون بطوي الأيام ...لا الشيب أسعف شيئا ولا الخبرة ..ولا ما قدموه للبلد من دمع وشقاء أسعفهم على الأقل بلفتة كريمة ,أو هاتف وفاء .
حتى (عدنان البخيت) رئيس اتحاد المؤرخين الدوليين , والذي أعاد صياغة تاريخ الشام كله , وصاحب أهم كرسي في (السوربون) والذي يستحق أن يجلس الرؤساء في بلادنا معه , كي يأخذوا درسا في التاريخ الإجتماعي لهذه الدولة قبل أن يديروا الحكومات..لم يحصل على الود والحب الذي حصلت عليه أنت من الرئيس .
ماذا أكتب لك يا صديقي ؟ ...حتى عبدالهادي باشا المجالي الذي أمضى العمر بين العسكرية والسياسة والتشريع , لم يحصل على الحنان والقبل التي حصلت عليها من الرئيس وحاشيته ومجلس النواب ...وهاهو الان في منزله , تتعبه الخطى والأيام لم تعد هي ذات الأيام , ولكن النكران هو ذاته النكران ولم يتغير .
رجل (بصندل) هز سلطات كاملة في الدولة , بالمقابل الشيب والخبرة والعطاء في وطننا صاروا, مجرد ذكريات من (الخردة) يجب أن تحفظ في أرشيف النسيان .
دلني يا صديقي العزيز على مكان أرمي نفسي منه , فقط دلني.. فما يحدث لدينا يستحق أكثر من انتحار واحد ..يستحق ألف انتحار .