هبوب الجنوب يكتب: إلى خالد الكلالدة مع الحب
جفرا نيوز- كتب : هبوب الجنوب
ماهي أخبارك يا رفيق ...أيها اليساري المعتق بالرفض , مثل زيتونة نبتت على حواف الحلم في الطفيلة أو الكرك ...وكان قدرها أن تكون مباركة (يضيء زيتها لو لم تمسسه نار) ..
أتدري هذا ليس بالمقال , وإنما مرافعة ...فيها تفريق بين اليسار واليساري , فنحن في الوطن العربي التبست علينا المهنة والتبس علينا الرفض , وكنا نظن أن اليسار (أيدولوجيا ) منهج حياة , اليسار هو الحب , هو القتال على نصل الرفض , هو عشق الورد والأنثى ..هو المعرفة المتحررة من قيود السلطة , هو الصحيفة حين تصدر من دون رقيب , وفنجان القهوة حين ترتشف طعم الحياة عبره ...هو الشوارع التي تسمع نبضها , هو الشباب الذين يصعدون سلالم الفجر ..دون طمس للرؤية , ودون خوف من السلطة ....كنا ندرك أن اليسار هو كل هذا , ولكن تبين لنا أن اليساري ..ليس بالضرورة أن يحمل كل هذه القيم , فهو موظف في خدمة السلطة ...تبين لنا أن اليسار شيء واليساري هو شيء اخر مختلف ..
هل أنت فرح يا خالد؟ ...أظنك فرح جدا , فهنالك في الرئاسة الان من قرأ عن (هوشيه منه) ويعرف مثلكم ..كيف أفاقت (سايغون) على زحف الرفاق ..وانتصر اليسار , في السلطة الان ..رجل ليبرالي ..بكل ما تحمل الكلمة من معنى , تماما مثل (البراندي) حين يتحرر من كؤوس الرفاق ...أو مثل السيجار الكوبي حين ينطلق إلى مدى لامحدود ..من فم رفيق , ظن للحظة أن الدولة محطة ...والمنصب لعبة أو استراحة في شاطيء جميل .
يا خالد ..
كنا نظن في لحظة أن (البرجماتية) لدى الإسلاميين هي ذاتها الإنتهازية السياسية القميئة , ولكنهم يغيرون في المسميات ..فقد كانوا على تاريخهم يتحججون بالمبدأ ويمارسون الإنتهازية في أبهى صورها ...وكنا نظن أن فتيتنا الذي أنجبهم اليسار هم التعبير الحقيقي عنا ... وهم تلك الزيتونة التي نبتت على حواف الحلم في الطفيلة أو الكرك ...ومنحونا من ظلها حلاوة المباديء وطيب الرفض ...
لكني لم أدرك للحظة أن الأردن شكل نموذجا متفردا في العالم كله لليسار , بحيث أنتج وظيفة إسمها يساري ....جعلت موسى المعايطة يدعو قادة الأحزاب على مناسف في المدينة الرياضية ..وخالد الكلالدة يطرب على أغنية : (لما رش الصلية رش حش رقاب العدا حش) ...وظيفة إسمها يساري , ولكن من دون يسار ..ولا أقول من دون مباديء خشية , أن أتهم بالجنوب ..-عفوا- كنت أريد أن اقول الجنون فخرجت الجنوب وتركت الباء , فقد فضلتها على النون ...
لم تقرأ تجربة اليسار في الأردن جيدا , ولكن هذه هي نتاجاتها ..فقد اختصرنا وصفي التل وعطالله غاصب ...ومسحنا شعر ماجد العدوان من الكتب , وشطبنا ناهض حتر من الذاكرة ...والبدوي الملثم تبين أنه محض هراء , وعرار ..لم يعد شاعرا وعبدالحليم النمر الحمود مجرد إكسسوار في التاريخ ...كل هؤلاء شطبناهم ..ومشروعنا صار (مثنى وبسمة وهالة) ..أنعم وأكرم بوطن ..يستبدل زيت السراج بالهواء, ويظن أن الهواء قد يعطي وميضا من النور .
أتدري يا خالد ..
والله صرت اشك أن تروتسكي كان مصدرا , واشك أن الرفيق جيفارا ...كان يتلقى معونة , صرت أشك حتى ...بالديالكتيك ..وحتى بالرفيق كاسترو ..ولو كان الرفيق كاسترو لدينا , لأصبح وزير تنمية سياسية وخرج بالمعلولية ...
بررتم يا خالد الكلالدة لأنفسكم نقل البندقية , من كتف لكتف ..ببررتم ..لأنفسكم مرسيدس السلطة , وارتديتم ربطات عنق ماركة (هيرمز) ...وبررتم (الأن جي أوز) ..والسفارات وحفلات تتم فيها اللقاءات الودية مع سفراء الغرب من دون خجل ومع انطفاء كامل للمباديء في وميض عيون الثوري ..- إن كان هنالك وميض للعيون أصلا- ...بررتم لأنفسكم التمويل الأجنبي تحت مسميات حقوق المرأة , والحرية ....أنا لا أعرف كيف يكون اليساري ضد دمه , لقد وقفتكم ضد اللون الأحمر في دمكم ..اي يسار هذا الذي يغتال حتى اللون ...؟
وأنا أكتب لك عن دون الكل ...كان الأصل أن أكتب لخالد رمضان وجميل النمري ,وموسى المعايطة وعبدالكريم الدغمي كان الأصل أن اكتب لمن التحفوا الرفض في سنوات الحب ..
لكني أكتب لك عن دون الكل ...يا هذا الفتى الحالم والجميل ..لأنك كنت نموذجا في زهد اليساري ..ولكنك انتقلت
في عام واحد من زهد اليساري إلى ترف المسؤول ..وقد تمكنت من سحق كل نظريات (ماكس فيبر) الإجتماعية ...وأنتجت (الكلالدية) ...وها أنا على حواف سطورها أكتب .
ذاك ليس هجوما , وإنما غضب نرميه إليك يا هذا الفتى الجميل والطيب ...وأنا ويشهد الله أني مع كل حرف غاضب نثرته إلى عينيك ..نثرت أيضا حبا واحتراما ...لإنسانيتك ودماثة روحك ووفرة الحب في قلبك ....
سامحني أيها الرفيق...سامحني وذات ضحى وليس ببعيد جدا سنسترد الأردن , وربما سيأتي فتى من الجنوب ...على ضوء الفجر الأول من الرفض , وينزع من تحت الحمولة مخرز النزف فقد ساهمتم كلكم في غرزه بهذا الجسد الأردني الغض كلكم من يسار ومن لحى تائهة ومن ليبراليين لا يعرفون معنى الليبراليه .. ومن فتية أعطوهم الوزارات كلعبة يناكفون بها الحبيبة ...ومن إقتصاديين يعرفون من نظريات الإقتصاد فقط (نظرية اللهط) ...كلكم بلا استثناء , غرستم مخرز النزف ...في جسد هذا الجمل
..لكن كما يقول شاعر العراق العظيم عبدالرزاق عبدالواحد ...ذات يوم , وحين تورق أعشاب وأزهار فوق قبورنا ويكون الله قد استرد وديعته ...والعظام من عذوبة مطر الجنوب تزهر مع التراب ...ذات يوم سيأتي عصفور ...ويخبرنا أن الأردن معافى أن الأردن معافى ....وأن فتية من الجنوب قد صعدوا في الوميض الأول لفجر الرفض ... وأعاد للدنيا دورتها ...وطمروا كل تلك الأرتال التي راكمتموها ...من الظلم والتهميش وتذويب الهوية...والنزف المستمر لهذا الوطن .