نضال الفراعنة يكتب : "نداء استغاثة" وطني لـ"الأمن" ضد "الطابور الخامس".. لماذا؟
جفرا نيوز- نضال فراعنة
يميل الإنسان بطبعه كائناً من كان نحو "الحرية والتحرر" من القيود –كل أنواع القيود-، ولمّا مالت دساتير ودول وقوانين نحو
تسهيل "حرية وتحرّر الإنسان"، فإن هذا التسهيل كان يُقابَل ب"ممارسة مسؤولة" من الشعوب التي نعمت بالديمقراطية والحرية، واحترام حقوقها الآدمية، والأردن والأردنيين لم يكونوا استثناءً من "العالم الحر"، فدستور عام 1952 بدا "شاهد عدل" على "جرعة الحرية والتحرر"، فيما كانت دول عدة وقتذاك تتشدق بالحرية والتحرر اليوم، لم تنل استقلالها بعد من "بطش المُسْتعمِر".
في الأردن أيضا، فقد كانت الدولة ذات "صدر رحب" بتسهيل جريان فيضان ما عُرِف باسم مواقع التواصل الاجتماعي حينما هبّت على العالم جاعلة منه قرية صغيرة أو شارعاً في تلك القرية من حيث "سرعة وسهولة التواصل" بين سُكّان القرية التي حملت سابقا إسم "العالم"، لكن لوحظ في السنوات الأخيرة أن الملايين من سُكّان العالم قد بدأوا يخلطون بين "الحرية" و "الإساءة" للآخر بدون أي خوف من القانون أو العقوبة، إذ تحركت دول عدة لتعديل القوانين لإنصاف من يتعرض ل"الإساءة والتجريح"، فيما اكتفى المشرع الأردني بأن جعل من مواقع التواصل الاجتماعي مشمولة بقانون العقوبات من حيث جرائم "القدح والذم والإساءة"، وهو ما رتّب عشرات آلاف الشكاوى التي شكّلت ضغطاً على المرفق القضائي، ومن دون أي وازع لهؤلاء المسيئين الذين "أمنوا العقوبات فأساؤوا الأدب".
ما مِن عاقل يُنكر أن لمواقع التواصل الاجتماعي "دورها وحضورها" في المجتمعات المدنية، مثلما لا يمكن للعاقل أيضا أن ينكر أنه كان لها "دورها وفضلها" في الإضاءة على "مناطق معتمة"، "وملفات فساد" تباطأ الإعلام الرسمي في الأردن وأماكن كثيرة من العالم ب"حلها ومعالجتها"، لكن الإساءة والافتراء واختلاق الأكاذيب عدا أنها أصبحت مُهدّدة للأمن القومي، فإنها صارت "بوابة للعدو" الذي يريد أن ينال من بعض الدول عبر "تفخيخ الداخل" بشائعات وأكاذيب، وخلق فتن، بما يُهدّد سلامة النسيج الوطني الذي تضاءل وتراجع كثيرا خلال الفترة الماضية.
ما هو المطلوب؟. هل يُطالِب كاتب هذه السطور بإلغاء هذه التطبيقات والمواقع التي أصبحت "نافذة النخبة والبسطاء" على العالم؟.. حتما لا، لكن معالجة "ترهات وفتن وافتراءات وأكاذيب وشائعات" مواقع التواصل الاجتماعي يجب أن تحظى من الآن فصاعداً ب"معالجة أمنية" بوصفها "أمن قومي" لا معالجة قضائية تنتهي ب"غراامة قضائية بسيطة" و "جاهات اجتماعية" تنتهي ب"بوس اللحى وشرب القهوة"، هذا أمن وطن لا أمن أفراد.
المُشرّع القانوني، والقضاة قاموا بواجبهم، وبما هو فوق طاقتهم، واليوم على الأردنيين أن يُطْلِقوا "نداء استغاثة وطني" يُجنّبهم "القادم الأسوأ" إذا ما استمر "شلّال السوشيال ميديا" في ضخ كل ما يُعكّر "الصفاء الوطني"، وكذلك "النسيج الوطني" الذي أمّن للأردن على مدى العقود الماضية ب"صلابته ومتانته" القدرة على "النجاة والعبور" إلى "بر الأمان".
المسؤولون مطالبون بتشكيل "حالة أمن وطني"، وعلى الأجهزة الأمنية أن تلاقي الناس في منتصف الطريق، وأن تُصمّم مقاربة أمنية للتصدي ل"الطابور الخامس" الذي بات "يسرح ويمرح" في الساحة الأردنية مستغلا "ولع وشغف" النخب والبسطاء على حد السواء بمواقع التواصل الاجتماعي، فأغلب ما يُنْشر اليوم هو "تصفية حسابات إقليمية" ل"تكسير الأردن"، وعلى الأجهزة الأمنية أن تُبادِر إلى كشف كل الحقائق التي أصبحت موثقة ب"الصوت والصورة" لمن يسموا ناشطين في مواقع التواصل الاجتماعي وقد تقاضوا "مالاً حراماً" لضرب النسيج الوطني، وإسقاط الأردن من الداخل.
القبائل، الوحدة الوطنية، الديانات، المسؤولين من بقي من دون "إساءة وشتم وتجريح"، وعلينا أن نسأل ب"صوت عالٍ" ماذا بقي كي يعلنوا "سقوط الأردن"، لقد تعرض المسؤولون إلى تجريح طال سمعتهم الشخصية، وعائلاتهم، وأمراضهم، وذممهم المالية من دون أن يُثْبِت مطلق أو مطلقوا الشائعة أي دليل على صدق ما يقولون، وبطبيعة الحال فإن أي فاسد تنتهي قصته بمجموعة أدلة يقوم القضاء بفحصها، وبخلاف ذلك فإن أحدا لا يمكنه أن ينجو من التضليل والتدليس والتلفيق.
اعتبارا من اليوم على العقلاء أن يطالبوا ب"معالجة أمنية" لا "قضائية أو قانونية" لفيضات ضرب النسيج الوطني، ومساعي إسقاط الأردن.. لا أقول تحريضا بل أفتح الباب بجرأة نحو نقاش هادئ وعلاني يعيد ترتيب وتصويب كل هذه الفوضى.