هل نجحت اسرائيل في زرع الفتنة بين المسلمين والمسيحيين في فلسطين؟

جفرا نيوز - محمد خالد  بينما كان الأردنيوين ينهون "محطة اردنية بإمتياز" كما وصفها الكاتب الأستاذ حمادة فراعنة في مقاله يوم الثالث من حزيران، كنت اختتم زيارتي الأولى الى مدينة القدس المحتلة التي كانت تشهد بداية عملية تحريض جديدة بحق الكنيسة الأرثوذكسية المقدسية، وهذا الشأن تعودت عليه الكنيسة الأرثوذكسية و رئيسها البطريرك ثيوفيلوس الثالث في إطار صراع تعيشه هذه الكنيسة التي اتخذت قراراً بوقف تسريب العقارات الأرثوذكسية و انتهاج سياسة استعادتها وتحدي اسرائيل يوم انتخابها للبطريرك ثيوفيلوس الثالث عام 2005 إثر عزل البطريرط السابق ايرينيوس المتورط في صفقات عقارات باب الخليل، و بانتخاب البطريرك ثيوفيلوس طوت الكنيسة صفحة سوداء من تاريخها استمرت لاكثر من خمسة عقود شابتها العديد من الصفقات العقارية لصالح اسرائيل، و خلّفت ارث ثقيل حمله البطريرك ثيوفيلوس و مضى مجابهاً اسرائيل في سلسلة من المواقع كان آخرها قراره باغلاق كنيسة القيامة و انتصاره على دولة اسرائيل واجبارها على التراجع عن قرارات ومشاريع قوانين مجحفة بحق الكنيسة وتهدد الوجود المسيحي في زهرة المدائن. السياسة التي اتبعها البطريرك ثيوفيلوس وتحديه لدولة اسرائيل بشكل غير مسبوق تسبب في مضايقات و ردود اسرائيلية موجعة أهمها التجميد المتكرر لحسايات الكنيسة البنكية لشل حركتها و إعاقة الخدمات التي تقدمها للمجتمع، و حملة التشويه لصورة البطريرك و الكنيسة و حتى ابنائها الذين لا يخافون في الحق لومة لائم.
خلال الأيام الماضية شهدنا موجة أخرى من حملة التشويه الاسرائيلية بحق الكنيسة الأرثوذكسية نفذها محام من الداخل الفلسطيني معروف لدى الدوائر الأمنية بعلاقته بالبطريرك المعزول ايرينيوس و تورطه في صفقة بيع عقارات باب الخليل، وعلاقته مع الجمعية الاستيطانية عطيريت كوهانيم بالإضافة الى دوره العلني في عقد الصفقات مع جهاز الأمن الداخلي الاسرائيلي، و المعروف باسم "الشاباك"، في العديد من قضايا الأسرى الفلسطينيين و التي افضت الى تمديد اعتقالات عدد كبير منهم.
الحملة الأخيرة استثمرت علاقات هذا المحامي مع عدد من الشخصيات المقدسية المرتبطة بالسلطة الفلسطينية، حيث قام بتحريضهم على توجيه اهانات لرئيس الكنيسة الأرثوذكسية خلافاً للموقفين الرسميين الفلسطيني و الأردني المنشور على وكالة الأنباء الرسمية الأردنية (بترا) و التي يدعم الطرفان الرسميان البطريرك ثيوفيلوس الثالث في مواجهته للممارسات الاسرائيلية و انجازاته في تحرير العديد من العقارات الحساسة و الاستراتيجية من ايدي المستوطنين و حكومة اسرائيل.
ولو كانت هذه الموجة من التحريض ضد البطريرك ثيوفيلوس الثالث منعزلة عن احداث أخرى تمس بالمسيحيين في فلسطين خلال العام الحالي، لما اهتم بها احد كونها موجة من عدة موجات تقوم عليها، كالعادة، جمعيات استيطانية و مجموعات مرتبطة بالبطريرك المعزول ايرينيوس من خلال محاميه المشار اليه أعلاه. لكن تزامن هذه الحملة مع عملية الطعن التي تعرض لها قبل يومين احد الآباء الفرانسيسكان في مدينة بيت لحم التي شهدت اعتداء من قبل أبناء احد مخيماتها على موكب بطريرك القدس خلال احتفالات عيد الميلاد بداية العام الجاري، يثير التساؤول عن مدى نجاح اسرائيل في توظيف شخصيات فلسطينية بشكل غير مباشر و ربما بدون علمهم، لتحقيق أحد أهدافها التي فشلت في تحقيقه منذ إقامتها وهو إثارة الفتنة بين المسلمين و المسيحيين في فلسطين.
وخلال جولتي في البلدة القديمة من القدس في ختام زيارتي سألت أحد العاملين في بازار بمحيط كنيسة القيامة عن تعليقه على الحملة الأخيرة ضد الكنيسة الأرثوذكسية، ففاجئني بمدى إطلاعه على حيثيات هذا الموضوع واوجز بالقول: نتنياهو حاول توظيف المسيحين ضد البطرك ثيوفيلوس و فشل لانه تم ردعهم من أبناء جلدتهم، و الان يحاول من خلال شخصيات تعمل في السلطة و أضاف "البطرك ثيوفيلوس شوكة في حلق اسرائيل و اللي بيهاجموه مجموعة مرتزقة و عملاء لنتياهو، اخنا هون على الأرض و شايفين كل شيء بعينينا، و لو قدروا على البطرك قول على القدس السلام لانه هو آخر صخرة بتحميها بعد اتخلت عنا السلطة"
أما جورج وهو موظف في مؤسسة دولية و يقطن داخل البلدة القديمة فقال " أنا لا يعنيني انخراط مسؤولين فلسطينيين في مساعدة اسرائيل في زرع فتنة بين المسيحيين و المسلمين، اولاً لان هؤلاء المسؤولين ضعاف و لا تأثير لهم على احد، و ثانياً لان القدس لا تقبل الفتنة و لا يرضاها لا المسيحي و لا المسلم. لكن في نهاية لقائي معه اعترف جورج بأن مهاجمة موكب البطريرك في عيد الميلاد، و طعن الأب الفرانسيسكاني في بيت لحم، و الهجوم الأخير على بطريرك القدس من قبل عدد من الشخصيات المقدسية المسلمة، سيحمل آثار معنوية سلبية لفترة طويلة ما لم يكن هناك تحرك من قبل هذه الشخصيات للاعتذار للبطريرك او تحمل كامل المسؤولية عن خطهم و تبعاته.
أما محمود صاحب دكان في الحي الاسلامي المتاخم لاسوار المسجد الأقصى المبارك فقال ان الشخصيات التي تهجمت على البطريرك هي شخصيات عقيمة لم تقدم شيء للقدس ولأهلها، و نحن شبعنا من كلامها و نفاقها وعجزها و حرصها على مصالحها الشخصية، وان أهل القدس سيردعوا هذه الشخصيات ولن يسمحوا للفتنة ان تتسلل الى المدينة، و أن المسلمين و المسيحيين اخوة منذ قدوم الاسلام الى هذه الديار و لن تستطيع اسرائيل و عملائها تغيير هذه الحقيقة.