التحديث المستدام للوعي في شهر آذار من كل عام

جفرا نيوز ـ د.فايز بصبوص الدوايمة 
عندما ننظر الى كل اشهر العام ، لا نستطيع الا ان نقف امام التحولات الحقيقية التي تحصل وتعيد انتاج الوعي العربي عامة والوعي الجمعي الأردني خاصة ، لماذا نتكلم عن الوعي وما نقصده بأعادة  انتاج  ذلك الوعي أي من خلال لغة التكنولوجيا الدارجة هذه الأيام ما يطلق عليه التحديث (refresh) او update)  ) وذلك لأن شهر اذار يمتلك في طياته ذكرى تتسلسل من المرأة مرورا بالأم وتتناغم  وانتصاراتنا ووحدتنا في الكرامة وصولا الى عنوان وجودنا ووجود كل البشرية الأرض ويومها المجيد . في هذا العام لم استطع ان اتعامل مع كل مناسبة على حدا ، وذلك لوجود هذا الترابط العجيب بين هذه المناسبات والواقع المعاصر في كل ابعاده الوطنية والاجتماعية والسياسية والاستعداد للمواجهة الداخلية التي تجسده ذكرى يوم الأرض ، فعندما تغيب في سياق الوقت والزمن مفاهيم المرأة كعنصر فاعل قادر على صناعة الرموز والتاريخ ينتصب 8 اذار شامخا ليذكر بدور المرأة وعيدها العالمي من خلال مفهوم التحضر والعصرنة والحداثة ، لكنه عندما يطرق الوعي العربي ليس في دور المرأة على مر تاريخ الحضارة الإسلامية وليس من خلال ما كرم الله المرأة بأبها صورها فيما ذكرهن في القرآن الكريم ، حتى اطلق على احدى صور القران الكريمة اسم مريم ، ليس من خلال هذا ما نود ان نضعه اليوم بين ايدي القارئ ، انما من خلال المقاومة الشرسة التي تقودها نسائنا في مقاومة الظلم والتعسف والاحتلال ، والتي اخذت تجليها في هذا العام من خلال الرمزية التي صنعتها عهد التميمي وأمها ، والذي انعكس بكل تفاصيله على كل وسائل الاعلام العالمي ، وجعل 8 اذار في هذا العام يطلق على كثير من مؤسسات المجتمع المدني الغربية بعام عهد كأيقونة لنضال المرأة وأمها ، اما في الظل فهناك جنودا نغيبها عن هذا المستوى من الرمزية والتي تخوض معركة في الظل ، في إعادة انتاج قواعد التربية والتعليم بمستوى يلقيق بالشعب الأردني والتي تقوده بأقتدار شديد جلالة الملكة رانيا العبدالله ، آخذتاً على عاتقها تحديث المنظومة التربوية  والتعليمية بتدرج وصبر شديدين ، وأن ما لا يعرفه الكثيرون ، ان ما تقوم به على أساس التربية التقنية أي ان تكون تكنلوجيا المعلومات من خلال لغة القران العربية ، هي الرافعة الحقيقية لهذه المؤسسات وان  المشروع شارف على الانتهاء وارتكزت في تشغيله كوادر اردنية شبابية تصنع برامجا تطور من خلالها رؤى جلالة الملكة ، وهيآت المستشارين الدوليين القائمين على هذا المشروع النهضوي نتدرج في هذا الشهر للوصول الى الحاضنة الحقيقية وعنوان التضحية المطلقة والعاطفة غير المرهونة بالمصلحة والرأفة النابعة من ينبوع الوجود كله الأم . نصل الى 21 اذار تسعرنا إعادة التحديث بوجودها وتذكرنا بأن العطاء المطلق هي سمة أيقونة المحبة الأم ، تعلمنا تلك الذكرى اننا اقزام حتى حدود الذوبان امام حجم هذا البذل والعطاء ، والتي لعبت دورا حقيقيا في تنمية حب الوطن والانتماء والولاء لكل مقدرات الوطن من تراب وتنمية وماء وهواء وقيادات فاعلة تقود باقتدار مسيرة هذا الوطن تذكرنا رغم عطائها وتضحياتها ، بأن هناك من هو تغيب لديه الازمان والاوقات لا ينام الليل مستقرا وهانئا من اجل الحفاظ على مكتسبات هذا الوطن رغم الظروف والصعاب وهو الاب الحاني ، جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين نتساءل أين هو في ذلك اليوم العظيم انه منغمس بين افراد قواتنا المسلحة الباسلة لتجسيد يوم يرتقي بعطائه الى مستوى الأم انه يوم الانتصار المشرف يوم الكرامة ، والذي جعلني ادخل تلك المقارنة هي تلك المعاني التي جسدتها هذه المعركة المجيده عن ما تجسده الأم من وحدة أبنائها وقدرتهم على الصمود والتصدي والانتصار الناجز من وخلال وحدة وطنية لا ترى مثيل لها الا عندما تتوحد كل الآراء وترسخ وتسجد امام الأم ، ان هذه المعركة التي جعلت من القوات المسلحة الأردنية والجيش العربي وقوات المقاومة الفلسطينية ، جسدا واحدا متراصا حاجزا لكل كرامة الوطن خلفه متصديا الى ذلك العدوان الذي كان يستهدف تجسيد مفهوم العنجهية اليهودية والسيطرة على جبال الأردن الشامخ كامتداد لهزيمة عام 67 ، حتى يشرف ويهدد قلب الأردن النابض من عمان الى الكرك فتكون هذه الدولة بكل تفاصيلها تحت تهديده المباشر ، ولكن هيهات هيهات لقد تعلم العدو درسا لن ينساه ابدا بأن المواجهة مع الجيش العربي ومن خلفه كل البنية البشرية الأردنية والعربية لا يمكن تكون نتائجها الا الهزيمة المطبقة وهذه صور بقيت في قلب جوهر استراتيجية العدو الصهيوني العسكرية  على مدار التاريخ .  ونصل الى قمة ذلك الشهر السياسية والتي تتمحور حول 30 آذار ذكرى يوم الأرض ، هنا تكمن ذروة ما يمثله هذا الشهر من انعاش طبيعي في احداث تحديث لذاكرتنا التاريخية ، ووعينا الجمعي بأن هناك ارض ما زالت مغتصبه ، وان هذه الأرض لا تخضع بالمعايير التاريخية الى معايير السياسة المعاصرة ، فذكرى يوم الأرض انطلقت من الأراضي الفلسطينية ، خلف الخط الأخضر وهذا يعبر عن ان الابعاد التاريخية لفلسطين التاريخية تتماسك وتتكامل في كل المحطات والمنعطفات السياسية ، التي تنعكس بشكل يومي وخاصة في منطقتنا العربية ومنطقة الشرق الأوسط بشكل عام . ان ذكرى يوم الارض في هذه المرحلة والتي شهدت تراجعا للولايات المتحدة الامريكية عن ثابت حل الدولتين سيصل صداه الى اعمق مدلولات تلك الذكرى ، نعني هنا ان العامل الفلسطيني في بعده السياسي وبالتناغم والتنسيق المطلق مع الدولة الأردنية ، قام بقفزة نوعية عندما ربط ما بين ذكرى يوم الأرض وذكرى النكبة في 15 أيار ، وبدأ التحرك الأردني من خلال جولات ولقاءات قادها باقتدار جلالة الملك المفدى ، لترسيخ عروبة القدس في مواجهة غير مباشرة مع الإدارة الامريكية ، وآخر تلك المواجهات في إقرار دول عدم الانحياز بعروبة القدس والتأكيد على الوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية من اجل ضرب مرتكزات السياسة الامريكية الجديدة ، وتعميق عزل قرارها اتجاه القدس لأبقاءه وحيدا مع الموقف الصهيوني ، اما على الصعيد الداخلي فقد تشكلت نواة للجنة موحدة لتصعيد المواجهات السلمية مع الاحتلال على مدار ستة أسابيع ، وصولا الى ذروة هذه الاحتجاجات في المسيرة الكبرى والضخمة والعابرة لحدود فلسطين الحبيبة ، والتي تتجلى في المواجهة السلمية الشاملة في 15 أيار ، وذلك كرد طبيعي على قرار نقل السفارة وعلى عزم الرئيس الأمريكي بنقل السفارة في ذكرى النكبة الفلسطينية وافتتاحها في نفس اليوم ، ومنذ انطلاقة مسيرة العودة حتى هذا اليوم فقد ارتقى ثلاثون شهيدا فلسطينيا عشرون في الجمعة الأولى وعشرة في الجمعة الثانية ، وما يزيد عن الفي جريح وذلك دون استعمال أي سلاح لا ابيض ولا اسود ، وطبعا من خلال ابداع فلسطيني جديد اطلق على الجمعة الثانية (الكاوتشوك) ، والذي استعملت فيها إطارات السيارات وحرقها من اجل التشويش على القناصة الصهاينة الذي يتبجح نتنياهو بإمكانياتهم الاجرامية واللاأخلاقية . من هنا نقول ان علينا ان نكون حذرين ومصممين على دعم هذا النضال بشقيه السياسي والاجتماعي والنضال اليومي ودعم واسناد الاشقاء الفلسطينيين في يومهم الموعود .