الشرفات يكتب ... بين مٌضَر ومُضِر ..... دروس وعبر !!
جفرا نيوز - الدكتور طلال طلب الشرفات
في نهاية عقد الثمانينات كنت طالباً في جامعة مؤتة شغوفاً مولعاً بالسياسة والديمقراطية وتجلياتها والمشاركة واستحقاقاتها ، وكنت للتو قد انضويت تحت لواء الجبهة الأردنية العربية الدستورية بأعتبارها الحاضن التنظيمي للحركة الوطنية الأردنية ، وقتها كان الوطن على اعتاب ديمقراطية جديدة ومسيرة أصلاحية جادة ، وتسابق محموم بين كافة القوى الوطنية لأختبار برامجها السياسية واماطة اللثام عن كل مظاهر العمل السياسي والحزبي السري ونقله الى العلن ، وفي ذات الوقت كانت الهوية الوطنية في اطار تشكلها الجديد في ضوء قرار فك الأرتباط وآثاره السياسية والوطنية.
لم اكن أمتلك خبرة سوى لقاءات مبعثرة هنا وهناك مع بعض قيادات اليسار والقوميين التي قادني اليها بعض الاصدقاء في الكرك ، وتوجيهات اميننا العام الراحل والوطني الصادق النبيل ملحم التل – رحمه الله ، وقتها كان الحضور طاغياً للقوميين واليساريين والأسلاميين وبعض النواب المحسوبين على الحكومة دون فحص او تمحيص ؛ فكان مجلس النواب الحادي عشر نقطة مضيئة في الحياة السياسية اشعل في كل جوارحي الحماس والاقدام على المشاركة والعمل، ومتابعة الأداء النيابي وحرفية الممارسة لأن تمثيل الشعب بأمانة اخلاص حلم جميل وشرف انيق ما زلت ارنو اليه حتى يومنا هذا .
كنت الملم بقايا مصروفي الذي ترسله لي والدتي من البادية الشمالية للسفر الى عمان من الكرك لحضور جلسات الثقة واقرار التشريعات المهمة في الحريات والاعلام والغاء الأحكام العرفية ، ولم يكن في ذهني سوى مسابقة الزمن للتخرج ودخول معترك الحياة السياسية وكبح جماح حماسي الزائد الذي تلهبه خطابات فخري قعوار وعيسى مدانات وعبدالكريم الدغمي وحسين مجلي ويوسف العظم ومحمد فارس الطراونة وليث شبيلات وفارس النابلسي وغيرهم ، وفي ذات الوقت كان هناك رئيس وزراء مقاتل شرس يملك الحجة ويتقن الأقناع ، لم يكن دولة مضر بدران شخصاً عادياً بل كان فارساً يمتلك ناصية الخطاب بروح المنتمي لوطنه والواثق بنفسه ، ديمقراطياً بسلوكه وممارساته رجلاً في قرارته وشجاعاً في مواقفه وأميناً في تحمل مسؤولياته الدستوريه والوطنية .
كنت اعشق قواعد اللعبة الديمقراطية وممارستها بين المجلس والرئيس واتابعها بشغف وتجعل انحيازي ينتقل تارة هنا وتارة هناك ، فالمراس الصعب بين الاثنين انتج تزاوجاً رهيباً اثمر ولادة طبيعية لأصلاح كنا احوج ما نكون اليه ، وغرس في رأسي اصرار وفهم بأن هذا الوطن اجمل بقاع الارض وأن عشقه مرتبط بالشجاعة في قول الحق لصيانة قرارنا الوطني .
دولة مضر بدران رجل دولة بأمتياز مارس الولاية العامة المقررة بالدستور بكل مسؤولياتها ومخاطرها ونجح في نقل البلاد الى حالة ديمقراطية ونقلة نوعية في الاصلاح السياسي والاقتصادي ومحاربة الفساد ما زلنا نذكرها بأجلال ، وقبل هذا كان مثالاً للنزاهة وحماية المال العام وتجنب الأقتراض وكان العجز من الموازنة يقترب من الصفر في شواهد يذكرها الساسة في كل لقاء ، فضلاً عن المشاريع التنموية النوعية التي ما زالت ماثلة حتى الآن .
في المقابل يطالعنا ومن على منابر الغرباء مضر آخر – بكسر الضاد – يحاول تعكير صفونا والنيل من وحدتنا ومحاولة اثارة الفتنة بيننا ـ مضر-ناكر ملوث بخدمة الأعداء ، اقل ما يقال فيه انه عاقللعفة الوطنية التي ترافق كرامتنا الوطنية والأنتساب لهذا الوطن العزيز ، وهي فرصة لدعوة الحكومة لسحب الجنسية منه فوراً ودون ابطاء وتخليصنا من هذا الوباء المسيء لأن اماطة الأذى عن طريق المصلحة الوطنيةواجب .
قد تتشابه الأسماء ولكنها لا تتماثل ، وعندما تكسر الحروف وتفتح فلا يمكن تثنيتها او جمعها ، وما بين حمل الجنسية وممارستها بوطنية وحرص وتفان مسافة وطن لا يدركها الا من تربى على قيم الكرامة الوطنية الناجزة والولاء والأنتماء لهذا الثرى العزيز وقيادته التي لا خيار لنا سواهما .
دولة مضر بدران – شافاه الله – جزء مهم من الذاكرة الوطنية الجميلة والأنجاز الوطني الخلاق ، وقدوة لكل الذين يريدون خدمة وطنهم بامانة وشجاعة ورجولة وتفانٍ ، وما بين مُضَر ومُضِر مسافة وطن ودروس وعبر ...!