حروب المخابرات !

جفرا نيوز
بقلم : شحاده أبو بقر

نسب إلى وزير الدولة لشؤون الإعلام قوله أن جهات خارجية خصصت ملايين الدولارات لتغيير الرأي العام الأردني , وأن ثمانين بالمائة من التعليقات السلبية التي تتناول أحداثا أردنية تأتي من خارج المملكة ونحن نعرف مصادرها ومن يقف وراءها .

طبعا لم يشأ الوزير المومني أن يفصح أكثر لظروف تتطلبها مقتضيات سياسة الدولة , لكنه أوصل الرسالة للداخل والخارج معا , ولا أعرف شخصيا إذا ما كان الإعلام الرسمي الأردني قد نقل تصريحات الوزير هذه والتي تضمنتها محاضرة له في عمان , لكنني وعلى الرغم من أهمية وخطورة هذه التصريحات لاحظت تجاهلا لها في إعلام خارجي ليس من عادته تجاهل كلام رسمي بهذه الأهمية والوضوح , ولا أعرف لذلك سببا , مع أن واقع الحال وكما يعرفه القاصي والداني , يقول بأن الوزير المومني ما كان ليقول ما قال , لو لم يكن واثقا كل الثقة من صحة معلوماته .

من الطبيعي والمعروف وللكافة , أن هكذا ممارسات تحدث عنها الوزير , تتولى أمرها هيئات مخابراتية توظف أشخاصا ومنابر إعلامية وسياسية وحتى إقتصادية وسواها , بهدف إثارة الفوضى في البلد المستهدف , وهو في هذه الحالة ( الأردن ) , من خلال تهويل ما قد يجري فيه من حوادث سلبية , وتسليط الأضواء ساطعة على أي مظهر إحتجاجي سلمي وإلصاق أكاذيب به هو منها براء.

لا بل وتذهب تلك الهيئات الإستخبارية إلى صناعة أكاذيب تنسبها إلى المحتجين زورا وبهتانا , مثلما تصطنع تحليلات تظهر البلد كما لو كان على حافة الإنهيار , لا بل وتذهب أكثر من ذلك في صناعة الكذب إلى حد تشويه العلاقة بين الأردنيين ونظامهم السياسي , ولا تتورع عن تزوير الحقائق وإختلاق الأكاذيب خدمة لهدفها الخسيس , تماما كما حدث للحراك السلمي , عندما إدعى شخص يسمي نفسه معارضة أردنية خارجية ,بأن الحراك في المملكة معارضة للنظام ! , وهو ما رفضه حراك السلط وغيره بغضب شديد , موجهين لذلك المدعي ما يستحق من عبارات مهينة مذلة , ومؤكدين تشبثهم بالنظام السياسي الأردني , وبالعرش الهاشمي ومعتليه جلالة الملك .

عمليا توظف الدول المتحاربة والمتخاصمة أجهزة مخابراتها في تبادل مثل هذه الحالة في إطار ما يسمى بالحرب النفسية , حيث يسعى كل طرف إلى هز وخلخلة الجبهة الداخلية في البلد الآخر , وإثارة الإشاعات الهدامة والفتن القاتلة بين صفوف شعبه وجيشه ومؤسساته , وهذا أمر معروف ولا خلاف عليه .

في الأردن لسنا في حالة حرب مع أحد بمعنى الحرب , لكننا نعرف أن بلدنا مستهدف في هذا الزمن الرديء , ومع ذلك , فنحن نعرف في المقابل , أن دولتنا تمنعنا وبموجب قانون , من الإساءة إلى أية دولة شقيقة أو صديقة عبر مقال أو تحليل أو أية ممارسة إعلامية , حتى لو كانت تعليقا على مادة إعلامية منشورة في وسيلة إعلام غير أردنية , ولطالما عوقب بعض الأردنيين قضائيا لسبب كهذا , سواء كانوا كتابا أو حتى مواطنين مجتهدين.

هذا يعني أن دولتنا راشدة حكيمة , وقيادتنا وازنة لا تنزلق إلى هكذا درك لا يليق بها , ومؤسستنا المخابراتية , مؤسسة محترمة لا تقبل بأن تكون سببا في الإساءة لأية دولة صديقة أو شقيقة أو حتى جهة غير رسمية , وأن مهمتها وطنية نظيفة تتمثل في رد الأذى والشر عنا وعن بلدنا أيا كان مصدره , مع أن يدها طائلة , وقدراتها وحرفيتها يشهد بها ولها الجميع ليس في المنطقة وحسب , وإنما على مستوى عالمي أوسع وأشمل ! .

وعليه , وما دمنا لا نسلم من شرور الأشرار ومن هم وراءهم , فإننا ندعوا دولتنا ونطالب حكومتنا وجهاز مخابراتنا وسائر مؤسساتنا الإستخبارية , لوضع شعبنا الواحد بصورة ما يقترفه الأشرار بحق بلدنا , من مكائد لا يجوز السكوت عنها , ومن هي الجهات التي تنفذ لهم مكائدهم تلك , ثم الرد على المكيدة بمثلها , فما داموا يضمرون لبلدنا الشر ويمارسونه ضدنا , ويخصصون الملايين لهذا الهدف الخسيس , وتعرفهم أجهزتنا وحكومتنا , فالأولى بنا أن نقابلهم بمثل ما يفعلون وأكثر , حتى لو كانت غايتهم إستدرار تعاطف شعبنا معهم لغرض في نفوسهم , وخلافا لمصالح بلدنا وحاضره ومستقبله . والله من وراء القصد