تعقيبا على محاضرة الوزير المومني!

بقلم : شحاده أبو بقر

أحترم وزير الدولة لشؤون الإعلام الدكتور محمد المومني شخصيا، ومبرري هو أنه إنسان جدير بالإحترام، ولكن فليسمح لي بأن أناقش بإيجاز بعض ما ذهب إليه في محاضرته بمعهد الإعلام الأردني، وبخاصة تأكيده على أن الكتاب والصحفيين هم أهم قادة الرأي العام ، الذي قال إن جهات خارجية أنفقت ملايين الدولارات بهدف تغييره، وهو يقصد بالضرورة أن التغيير في غير مصلحة الدولة الأردنية، وغايته نقل الفوضى إلى ربوعها لا قدر الله.

كنت أتمنى على معاليه لو أضاف حرف الجر ( من ) قبل كلمة أهم، وهنا أعيد ثانية القول بأن البوح من قبل الحكومات لمجموعة من الكتاب الصحفيين بطبيعة ظروف الدولة وما يدور حولها وفي الإقليم، لا يعني وصول هذه الرسائل إلى عامة الشعب، وإنما إلى شرائح منه فقط.

أدرك تماما أن إعادة صياغة الرأي العام الأردني وبما يثمر موقفا إيجابيا واضحا من قبل الشعب، ليس مهمة وزير الإعلام بمفرده، وليس مهمة الإعلام وحده، لا بل فإن الإعلام وبكل وسائله وكتابه، هم الآلية إن جاز التعبير، لنقل مضمون الواقع السياسي والإقتصادي والإجتماعي، بكل ما يندرج تحت هذه العناوين من تفاصيل صنعتها الحكومات أو هي تواجه تحدياتها المحلية والإقليمية والدولية، وما ترتب أو قد يترتب عليها من نتائج سلبية أو إيجابية.

صناعة أو صياغة رأي عام موحد ومتحد يخدم مصالح الوطن ويقف بقناعة وجاهزية في مجابهة أية مخاطر قد تتهدد البلد، وتقدير الظروف التي يمر بها، هي مهمة تشاركية يبدأ نمو جذرها في مقر الحكومة أي "مجلس الوزراء"، ثم ينمو ويتفرع في حضن البرلمان، ويمتد إلى رجال الدولة ومنظمات المجتمع المدني من أحزاب ونقابات ومجالس بلدية ولامركزية ومدارس وجامعات وسائر مكونات المجتمع من قيادات عشائرية وعائلية وغرف تجارة وصناعة وزراعة ورجال مال وأعمال ..إلى آخر القائمة المجتمعية ذات الصفات التمثيلية.

متى نجحت الحكومة في غرس بذرة صناعة الرأي العام إبتداء، هنا، يرافق ذلك دور إعلامي وصحفي مبدع قادر على تقديم الوجبات الإعلامية بحرفية فائقة تكسبه ثقة المواطن الفرد الذي ما زال حتى الآن، يصف من يروج لسياسات الحكومة ونهجها بأنه إما منافق مستفيد من جانب الحكومة، أو هو " سحيج " للحكومة بغية الظفر بمغنم!

الإعلام ليس وظيفة، وإنما هو مهنة وفن وإبداع، قوامه الكلمة مقروءة ومسموعة ومصورة ومغناة وهو مسلسل هادف وعمل مسرحي متقن، وهو في محصلة الأمور ثقافة إبداعية جاذبة لا طاردة، وحرفية فنية تستقطب القناعات طوعا لا كرها، والإعلامي كالفنان إما أن يكون صوته شديا مطربا، أو نشازا منفرا، أو هو بين بين! .

ومن هنا، فالإعلامي المبدع والخبير، يمكن أن يقدم مادته الإعلامية بأسلوب إبداعي متطور "يرغم" المتلقي على الإستجابه، والعكس بالعكس تماما إن جاز التعبير.
أكرر شديد إحترامي لمعالي الوزير المهذب، وأنصح الحكومة ولا أريد منها جملا!، أن تشرع فورا في عمل إبداعي يغير المزاج العام السلبي لدى الناس، بأسلوب "سياسي" مبدع، فالشعب الأردني كله من عقربا وحتى العقبة، لا يمكن أن يخذل وطنه تحت أي ظرف كان، ونخوته حتى لو لم يجد قوت يومه، لم ولن تعدلها نخوة على وجه البسيطة.
فقط تحدثوا سياسة لا أرقاما وحسب، وأصلحوا أمورا كثيرة، أولها الجهاز الإداري المترهل وإعدلوا، وستجدون الشعب أمامكم لا خلفكم، والله من وراء القصد.