الشعبوية و رؤى الملك
جفرا نيوز - د: فايز بصبوص الدوايمة
لقد تكلمنا كثيرا حول الترجمة الفعلية لرؤى جلالة الملك وخاصة على الصعيد الدولي والثوابت القيمية الدولية التي ترسخت كمشاريع قوانين للامم المتحدة والتي اصبحت ايضا مبادرات بذات ابعاد اممية وخاصة اسبوع الوئام بين المجتمعات والاديان والتي كان آخرها اسبوع الوئام الدولي والذي خصصت له جائزة دولية تحت نفس المسمى ، والتي تتمحور حول حل النزعات العرقية والطائفية والمجتمعية ، واعتبار التجانس والانسجام وكلمة سواء اي توافقات الحد الادنى بين الشعوب والمجتمعات هي معيار للتقارب وحل النزاعات .
اما في البعد الاخر والذي اصبح يتعلق بالواقع السياسي فقد تجاهل المجتمع الدولي نداءات جلالته والتي ارتكزت على مجابهه التطرف والانعزال والتقوقع الذاتي للشعوب والمجتمعات والدول بشكل شمولي .
ان عدم الفهم لمفهوم الشمولية في المواجه ارتكز على بعديين رئيسيين الاول هو مجابهة النتائج السياسية والاقتصادية والاجتماعية والفكرية التي نتجت عن التطرف على المنطقة وخاصة فيما يتعلق باللاجئين واثر ذلك اللجوء وتبعياتة الاقتصادية والاجتماعية وان حل مشكلة اللاجئين بشكل شمولي وبخطة دولية حازمة وجازمة يفوت الفرصة على اصحاب الفكر المتطرف والعدمي من التسلل الى هذه البيئة الخصبة لنمو ذلك الفكر وانتشارة وبعثه من جديد وهو ما يشكل خطرا على دول اللجوء خاصة وعلى السلم العالمي وأمن المجتمعات الحاضنة عامة .
اما البعد الاخر والذي يتعلق بتطور وامتداد الفكر الشعبوي والذي استحوذ على مرجعية جديدة تمثلت في انتخاب الرئيس الامريكي صاحب الخطاب الشعبوي اليميني والمتطرف في يمينيته والذي يؤسس الى زعزعة قواعد العولمة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والذي تعتبر ركائز وروافع للرأسمالية الاجتماعية ومخرجاتها ففي دعوة جلالة الملك الى الحرب الشمولية على الارهاب كان يعني وبكل وضوح على ان التطرف والفكر الانعزالي والتقوقع الذاتي ليس حكرا على ديانة او فكر محدد انما هو امتداد طبيعي لترسيخ ظاهرة الشعبوية التي تجتاحها كل المجتمعات في الكرة الارضية وخاصة الدول الغربية والمجتمعات الاوروبية ، وقد تبين ذلك من خلال نمو وتطور وجراءة اليمين المتطرف في هذه الدول وخاصة دول الاتحاد الاوروبي وبالتحديد في دول ذات تأثير وثقل استثنائي مثل المملكة المتحدة وفرنسا والمانيا وخاصة النتائج التي تمخضت على الانتخابات الايطالية الاخيرة ، والتي جرت الاسبوع المنصرم واظهرت ان اليمين المتطرف والقوى السياسية الرافضة للآخر وخاصة رفض وجود واستقبال اللاجئين وتمددها على مساحة كل النتائج الانتخابية والتمثيلية من الادارات المحلية الى البرلمانات التشريعية الى ممثيلهم في المرحلة القادمة في اتحاد البرلمانات الاوروبية .
كل ذلك قد حذر منه جلالة الملك المفدى عبدالله الثاني ابن الحسين من خلال ما طرحه واعاد طرحه بان محاربة ظاهرة التطرف والارهاب يجب ان ترتكز اولا على بعدها الفكري اي محاربة هذه الظاهرة بتعاون وتكامل دوليا شامل من اجل اجتثاث هذه الظاهره ليس فقط من خلال التركيز على ربطها بالاسلام السياسي انما من خلال اعتبارها ظاهرة دولية تستوجب العلاج الشمولي , من هنا كان جلالة الملك في كل لقاءاته وخطاباته واوراقه النقاشية يركز على ان حل مشكلة التطرف والارهاب يجب ان ياخذ بعدا عالميا شاملا وهذا بالضبط ما يعنيه جلالة الملك بكلمة الشمولي وتكرارها في كل المحافل وان حل قضية التطرف والارهاب المحدد في الجماعات الاسلامية يكمن في حل سحري واحد هو حل القضية الفلسطينية حلا عادلا وشاملا يضمن حقوق الشعب الفلسطيني التاريخية والحضارية والسياسية وان نجم التدحرج والهرولة من اجل السباق مع الزمن في اصدار وتثبيت التشريعات الصهيونية واخرها القانون الذي يعطي السلطات الصهيونية الحق في نزع الهوية المقدسية عن الفلسطينين في القدس المحتلة وتراكم ذلك القرار مع كل الاجراءات التصعيدية سيصنع بيئة حاضنة جديدة للتطرف في بعده الاسلامي ، وسيؤدي ذلك الى صراع اقليمي لا تحمد عقباه يؤسس لموجة لجوء اخرى ، وبذلك يساهم في نمو اليمين المتطرف في دول الاتحاد الاوروبي ويجعل من النفس الشعبوي هو الثابت الذي ستتمخض عنه كل الانتخابات القادمة ، وهو ما يؤسس صدام حضاري كوني غير مضمون النتائج ولا آليات تنفيذه ان هذا السيناريو ، قد نبه له جلالة الملك من خلال وضعه مفهوم شمولية الحل كاساس للفعل الدولي والعالمي من خلال تضافر الجهود والتعاون والتكافل الدولي في محاربة هذه الظاهرة والوقوف في حزم امام تداعياتها وامتصاص نتائجه الكارثيه والتي بدأت تنمو وتتبلور في احشاء مخيمات اللجوء وانعكاسات ذلك على المجتمعات المستضيفة كالاردن ولبنان وتركيا ودول الاتحاد الاوروبي قاطبة .
ان التفسير والفهم الحقيقي لمفهوم الشمولية والذي يتمحور حوله كل خطابات جلالته هو الحل الامثل والاكثر نجاعة في معالجة هذه الظاهرة وانعكاساتها الكارثية الى ما بقيت الدول تغض الطرف عن الحقوق الاساسية للمجتمعات والامم والطوائف بدأ من الاقليات الطائفية والقوميات كما يحصل في دول الاتحاد الاوروبي نفسه مرورا بالأقليات الدينية كما يحصل لمسلمي الروهنجة في المينيمار والاكثريات العرقية كما هو في فلسطين المحتلة كل تلك الصراعات والتجاذبات تتطلب تعميق النظر في كل مصطلح من المصطلحات التي تاتي من خلال خطابات وتحذيرات ولقاءات جلالة الملك المفدى عبدالله بن الحسين حتى نصل الى الوئام والانسجام والوثاق الدولي السياسي والمجتمعي .