الصيد في المياه العكره !
بقلم : شحاده أبو بقر
الصيد في البحار والأنهار عند البعض مهنة , وعند البعض الآخر مجرد هواية , والصيادون المهرة يختارون المياه العكرة لإكتساب رزقهم , ففيها يصعب على الأسماك رؤية السنارة فتعلق بها فورإقترابها من الطعم المثبت في نهايتها , لتجد هي الأخرى نهايتها على أيدي صيادين مهرة ! .
في المقابل الصيادون الهواة الذين يبغون التسلية وحسب , يفقتقرون في الغالب إلى هكذا خبرة ! , فتراهم يتسلون ويحاولون الصيد في المياه الصافية , ولهذا قلما يظفرون بشيء , إلا إذا وجدوا صيادا ماهرا أشار عليهم بتعكير الماء تحايلا على الأسماك وحجبا للسنارة عن رؤيتها ! .
وما دام الشيء بالشيء يذكر , ففي عالم السياسة كذلك هناك صيادون , ألا أن ميزتهم أنهم صيادون مهرة ينطلي أمرهم على العامة وبالذات البسطاء منهم , وهؤلاء الصيادون المهرة لا يعنيهم الماء الصافي من قريب أو بعيد , وضالتهم المنشودة هي المياه العكرة تحديدا ! .
هؤلاء الصيادون ينتظرون تعكر المياه بين شخصين أو طرفين أو حتى دولتين على أحر من الجمر, ففي ذلك صيد ثمين جدا يحقق أهدافهم في توسيع شقة الخلاف بين الطرفين , وإن تمكنوا من تعكير المياه أكثر لمزيد من الصيد , فهذا أمر جيد بالنسبة لهم , حتى لو قاموا هم أنفسهم بهذا التعكير عبر وسائل شتى ! .
ما يشهده إقليمنا ومنطقتنا العربية اليوم بعد قرار ترمب الكارثة , يشكل فرصة نادرة للصيادين المهرة في المياه العكرة , فهم يبحثون عن شبهة خلاف هنا أو هناك بين طرفين لا يريدان لهما خيرا , وحتى لو لم تكن تلك الشبهة موجودة أصلا , ناضلوا كثيرا لإيجادها وعظموها ونفخوا فيها بأساليب جهنمية , ليسهم ذلك في تحقيق ما يبتغون !.
وعدما نصف أساليبهم تلك بالجهنمية حيث يمارسون التدليس مدحا وذما ونفاقا مقصودا لإحداث أزمة تخدم غاياتهم وحدهم , فنحن لا نجانب الصواب أبدا , فلقد قال رسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم الكثير على هذا الصعيد وحذر من نفاق المنافقين عندما ربط بين الكفر والنفاق , وعندما عظم شيمة وخصلة إصلاح ذات البين بقوله : هل أدلكم على درجة أفضل من الصيام والصلاة والصدقة ! , قالوا بلى يا رسول الله , قال , إصلاح ذات البين ! ! .
ننصح الصيادين عشاق الصيد في المياه العكرة وهم قلة والكثرة الكاثرة تعرفهم , بالكف عما يفعلون سواء بحق الأردن البرئ من كل مثلبة وشبهة ومطمع , أو بحق أي من أشقائه العرب وحلفائه تاريخيا بالذات , خاصة وأن المياه نقية بحمد الله , ولن يكون بمقدورهم تعكيرها مهما حاولوا ! ويقينا فقضية القدس الشريف جامع مشترك لنا عربا ومسلمين جميعا , وليس لأحد أن يحاول جعلها سببا في تنازع بيننا لا قدر الله . والله من وراء القصد .