صفقة القرن هي " التدويل" أو فإنتظروا مائة عام أخرى ! .
بقلم : شحاده أبو بقر
من دون مقدمات , أميركا الجديدة بوصلتها الوحيدة في منطقتنا هي " إسرائيل " , فلا يحلمن قطر عربي أيا كان بعلاقة ودية مع " ترمب " وإدارته , إلا بالإنخراط في القبول التام بكل ما يريده نتنياهو وحكومته اليمينية المتطرفة , وإلا فهو خصم إن لم يكن عدوا لواشنطن ! .
أميركا وتنفيذا لإستراتيجية بوصلتها إسرائيل , ماضية في تقسيم سورية إلى أربعة اقاليم نفوذ متضادة ! , وإدامة نفوذ إيران في العراق فقط دون سورية !, والهدف إبقاء العراق وإلى الأبد تحت وطأة الصراع الطائفي كي لا تقوم له من بعد قائمة ! , وكي تظل إيران مصدر قلق وتهديد لعرب الخليج والجوار بما في ذلك تركيا ! , وستدخل لبنان في دوامة صراع طائفي وشيك لإنهاء نفوذ حزب الله بدعم من دول عربية وليس إسرائيل التي عليها ولها أن تتفرج وحسب !
ولمزيد من التشتت العربي , ستواصل واشنطن غض الطرف عن تدخل إيران في حرب اليمن وفي شؤون دول عربية أخرى , كي تبرز إسرائيل كما لو كانت هي الحليف ضد تدخلات إيران في نظر حكومات دول عربية عدة كما هو الحال الآن ! .
روسيا اليوم منغمسة تماما في ورطة سورية , وستكتفي من الغنيمة بنفوذ في أحد أقاليم سورية الجديدة , وتحديدا إقليم نفوذ الأسد , وهي اليوم تدرك متأخرة أن واشنطن تخدعها لا بل وخدعتها كثيرا عندما أوهمتها بالقبول بتسلمها ملف الحرب في سورية ! .
وسط هذا الواقع , صار مطلوبا من السلطة الفلسطينية أن تنصاع جبرا لما وصفه " ترمب " بصفقة القرن التي تنهي وإلى الأبد , حلم الفلسطينيين والعرب بحل عادل يكفل قيام دولة فلسطينية على حدود الرابع من حزيران 1967 , وسينقل ترمب سفارة واشنطن إلى القدس في خطوة لاحقة ليست بعيدة , إن لم يخضع العرب والفلسطينيون لصفقة ترمب ودونما نقاش ! .
أميركا وإسرائيل وحدهما حرصا بشدة على عدم تدويل القضية الفلسطينية دون سائر قضايا العالم , لا بل وظل الطرفان يهددان على مر السنين العرب والفلسطينين من الإقدام على أية خطوة بهذا الإتجاه ! , فهما يعلمان تماما أن العالم كله بإستثنائهما , سيقف إلى جانب حق الفلسطينيين المشروع في إقامة دولتهم , ولهذا فقد جن جنونهم لمجرد تفكير الفلسطينيين بعرض قضية الإستيطان أمام الجنائية الدولية , وسارعت واشنطن في إغلاق مكتب منظمة التحرير فيها ردا على هذا التفكير ! ! .
لقد خدعت أميركا وإسرائيل العرب والفلسطينيين بالذات لسنوات طوال حتى الآن بحديث السلام الكاذب , ضمانا للتوسع الكافي والمرعب ببناء المستوطنات , والغريب أن العرب والفلسطينيين بالذات عاشوا على الأمل طويلا بإمكانية حل عادل حتى وهم يرون رأي العين قلاع الإستيطان تبنى بتسارع مذهل على أرض ينتظرون إستعادتها من قبضة المحتل الإسرائيلي ! ! .
خذوها مني أنا العبد الفقير لله , لا مجال لحل أو حتى لمجرد وضع قضية فلسطين على طاولة الحل إلا بالتدويل الذي يرعب أميركا وإسرائيل معا دون دول الأرض كافة , ولا فرصة اليوم أو غدا وبعد غد , لإحياء دور مجلس الأمن الدولي حيال القضية إلا بالتدويل الذي لن يعارضه أحد , سوى أميركا وإسرائيل ! .
إن مجرد التلويح بالتدويل من جانب العرب والفلسطينيين يرعب المحتل الصهيوني , خاصة وأن دول العالم كلها بإستثناء إدارة ترمب , مطلة تماما على سائر تفاصيل القضية التي أكل الدهر عليها وشرب , ولن تجد إسرائيل أحدا إلى جانبها سوى تلك الإدارة ! !.
إذا أراد الفلسطينيون صفقة قرن وحلا تاريخيا عادلا كما يقول ترمب , فعليهم الذهاب رسميا وبدعم عربي وإسلامي شامل ومن كل الدول المحايدة والعارفة ببواطن الامور وبالذات أوروبا , إلى مجلس الأمن الدولي وتدويل القضية برمتها وبكل تفاصيلها , وإلا فلا حل كما يريدون ويأملون حتى لو إنتظروا مائة عام أخرى .
وسامح الله من اوقف الإنتفاضة السلمية الفلسطينية متوهما أن إسرائيل يمكن أن تتنازل عن شبر من فلسطين , فلو إستمرت الإنتفاضة لما كنا اليوم بهذا الحال , ولأرغم المحتل على الجلاء والخضوع للحق , ولا حول ولا قوة إلا بالله , وهو سبحانه من وراء القصد .