قانون الدفاع ... وأكتئاب المرحلة
جفرا نيوز - الدكتور طلال طلب الشرفات
جاء في المادة 124 من الدستور : اذا حدث ما يستدعي الدفاع عن الوطن في حالة وقوع طوارئ فيصدر قانون باسم قانون الدفاع تعطى بموجبه الصلاحية الى الشخص الذي يعينه القانون لاتخاذ التدابير والاجراءات الضرورية بما في ذلك صلاحية وقف قوانين الدولة العادية لتأمين الدفاع عن الوطن ويكون قانون الدفاع نافذ المفعول عندما يعلن عن ذلك بارادة ملكية تصدر بناء على قرار من مجلس الوزراء.
من الواضح ان حدوث ما يستدعي الدفاع عن الوطن ليس بالضرورة وجود متطلبات امنية او احداث فالطوارئ هي ظروف لا تسير فيها مؤسسات الدولة بشكل طبيعي ، ويمكن قياس هذه الحالة على ارتباك المشهد السياسي وأكتئاب المرحلة التي لا تعطي نتائج طبيعية للاداء العام ، واصبح نتاج القرارات الجمعية مزيد من الفشل والارتباك والخروج على ثوابت الاداء المؤسسي الذي يتوجب ان لا يخضع للامزجة الفردية المتهالكة .
في كل المجالس والهيئات لم يعد للقرار الديمقراطي شأن ولم يعد للاغلبية دور حقيقي في صنع القرار ، فمجلس الوزراء يخضع لرغبة الرئيس الفردية ، ومجلس النواب لم يعد للاغلبية فيه دور حقيقي في اداء المجلس في الرقابة والتشريع سواء اكان ذلك في اللجان او في المناقشة او في عد الاصوات او في تمرير مزاج الحكومة في كل شيء ، وفي مجالس العمداء في الجامعات والهيئات ومجالس الأمناء وغيرها من المجالس والهيئات المنتخبة والمعينة على حد سواء .
حالة الارتباك والبدائية الفنية والاخلاقية في الاداء العام تحتاج الى خلق اجواء لأعادة صياغة مفهوم الهوية الوطنية والعقد الاجتماعي والسياسي في ادارة المؤسسات العامة على اسس اكثر وطنية وابعد عن حالات التفرد وقيادة تلك المؤسسات بأفق الهويات الفرعية والمصالح الضيقة ، وتوفير تلك الاجواء يستدعي حل مجلس النواب واقالة الحكومة الجاثمة على مصير الشعب واعلان حالة الطوارئ ووضع قانون الدفاع واعطاء صلاحية لأشخاص يخافون الله في الوطن والشعب ويعيدون الاعتبار لهيبة الدولة وللهوبة الوطنية الجامعة .
وبالرغم من مجافاة كل ما اقول لمبادئ الحرية والديمقراطية الا أن تجربة الاحكام العرفية سابقاً تشير الى انها كانت وعلى قساوتها وآثارها السلبية اكثر رحمة بالشعب والوطن من هذه الحكومة وهذا البرلمان وتلك المؤسسات الرقابية التي لم يعد لها شأن او جدوى ، واذا كان مجلس النواب يلبي للحكومة مطالبها في مخرجات مشاريع القوانين التي تعرض عليه وبطريقة تخالف تقاليد العمل البرلماني الا ان الخبراء بالشأن العام قد يكون لهم رأياً آخر يتوجب ان يحترم .
في مجلس الأمة أشعر بحزن عميق وانا ارى ديمقراطيتنا المتواضعة تذبح على مقصلة النفاق في مسرحية غابت فيها كلمة الحق او التشخيص الدقيق للمأزق السياسي والاقتصادي الذي يمر به وطننا الحبيب ، واذا كان جلالة الملك يضع في توجيهاته السامية الخطوط العريضة للأداء العام ، فأن الاداء الفعلي للحكومة ومجلس النواب يتطلب وقفة امينة مع الذات وتشخيص دقيق للواقع المؤلم ، والمسيرة الديمقراطية اضحت غطاءاً مفجعاً للمزيد من تراجع الحريات وغياب الشفافية وسيادة القانون.
اعلان حالة الطوارئ حالة صحية في مجتمع مرتبك وحكومة تائهة ودمى احزاب لتجميل ديكور المسرح السياسي واعلام فقد بوصلة الوطن الى منطلقات نفعية متناثرة ، والمفارقة ان الشعب سيسعد بحل البرلمان وسيسعد اكثر اذا تم اختيار حكومة وطنية وفق معايير التراب والانتماء والهوية ، حكومة للشعب لا عليه وتملك الشجاعة للمحاسبة والمساءلة وتستطيع اعادة صياغة الخطاب الوطني وأعادة الاعتبار للهوية الوطنية الجامعة وتقزيم الهويات الفرعية التي فتكت بالضمير الوطني .