السنيد يكتب: تسقط الحكومات اذا سقطت في مؤشرات الرأي العام
جفرا نيوز - كتب النائب السابق علي السنيد:
في الدول الديموقراطية تأتي الحكومات وفقا لإرادة الشعوب، وتكون محققة لآمالها وتطلعاتها الوطنية، وتستهدف في سياساتها رضى الاغلبية الشعبية، وتعمل على تنفيذ برنامج هذه الاغلبية من خلال قرارتها واجراءاتها ، وبالتالي تحتفظ بشرعيتها في الحكم، وعندما تتناقض مع الارادة الشعبية، او لا تلبي طموحات وتطلعات هذه الاغلبية تسقط الحكومات، وتتقدم باستقالاتها.
وتحرص الحكومات الديموقراطية في كل سياساتها على الاحتفاظ بتأييد هذه الاغلبية، وتعتبر نجاحها مرتبطا بذلك، او ينهار برنامجها في الحكم، وتعتبر قراءة مؤشرات الرأي العام من اهم مدلولات الوضع السياسي القائم في تلك الدول التي تحترم شعوبها ، وتدين لها بكونها مصدر السلطات، وبكون عملية الحكم تأتي لخدمة هذه الشعوب وفقا لارادتها الحقيقية، وقد تلجأ هذه الدول الى الاستفتاء في القضايا المصيرية لأن الشعب هو مصدر الشرعية.
اما في الدول التي تدعي الديموقراطية فلا تعطي الحكومات التفاتا لرأي الاغلبية الشعبية، وعندما تؤكد مؤشرات الرأي العام انحسار شعبية الحكومات فتبقى هذه الحكومات تحكم الشعوب جبرا وبغير ارادتها، وتدعي انها حكومات لا تبحث عن السياسات او القرارات الشعبية، وكأن السياسات التي تؤدي لرضى الشعب تعتبر عيباً، ولذلك قد تطلق هذه الحكومات التي تفتقر للشرعية الشعبية على من يحرص على رضى الناس بكونه يبحث عن الشعبية الرخيصة.
وبذلك تضع هذه الحكومات غالبا نفسها وصيا على الشعوب، وتكسر ارادتها، ويدعي بضع عشرات فيها من الوزراء انهم اكثر دراية بالمصلحة العامة من ملايين الناس الذين تتكون منهم معظم القطاعات، ويتوزعون على كافة الاختصاصات ولديهم تراكم خبرات، وهم ينتظمون بأطر سواء اكانت نقابية او حزبية او هيئات ثقافية، او تجمعات قبلية، وتجد ان هؤلاء الطارئين الذين قد لا يجد احدهم تأييدا في اطار اسرته الصغيرة يتطاول على الشعب وارادته ويدعي ان حكومته لا تبحث عن الشعبية اي لا تستهدف في سياساتها رضى الشعب، وقد تفقر هذا الشعب، وتنزل به المصائب والنكبات، وتعتدي على حقوقه المشروعة في العيش الكريم فوق ترابه الوطني، وربما انها تمس بكرامته وكبريائه الوطني، وتتحدى احلامه وتطلعاته الوطنية ، وتظل برغم ذلك تمارس عملية الحكم بأسم الشعب وارادته.
ولا يخفى ان مراكز الاستطلاع وقياس مؤشرات الرأي العام تعد في الديموقراطيات من اهم وسائل الحكم على السياسات وتصويبها في الدول التي تنتمي للمنظومة الديموقراطية، ولا تصحو هذه الدول فجأة على وقع الثورات والاضطربات والفوضى كونها تستجيب لارادة شعبها طوعا ، وتكون العملية السياسية بالكامل تستهدف الاحتفاظ برضى هذا الشعب، وتحقيق ارادته الحرة.
وفي الدول البائسة لا يمكن ان ترتدع الجهات التي تحتكر عملية الحكم الا على وقع الشارع، ووقوع الاضطرابات والفوضى ، وخروج الشعب عن طوره، وهو يعصف بالعملية السياسية وبالسياسيين الذين يحكمونه بغير ارادته، ويعتبرون ان جهات الحكم يجب ان لا تبحث عن الشعبية في سياساتها التي تخص حياة الشعب ومعيشته وسيادته وكرامته وارادته الوطنية.