الملك عبدالله الثاني .. فرصتنا الاخيره
جفرا نيوز- كنت يومها في الخامسة من عمري وكانت المرة الاولى التي اعرف فيها شيئا عن الحرب ، لم يمضي أكثر من أربعين دقيقة حتى بدأت اسمع طلقات المدافع المضادة للطيران ، وذلك حين بدأ #الجيش_الاردني يطلق النار على الطائرات الاسرائيلية
عندما عاد والدي تلك الليلة كان على درجة كبيرة من الاضطراب واتجه مباشرة الى غرفة نومه ، مع انني كنت طفلا شعرت بأن ما يحدث كان أمرا خطيرا جدا ، لحقت به الى غرفته فوجدته جالسا على حافة السرير ويداه تحضنان وجهه ، وعند دخولي رفع رأسه ملتفتا صوبي فرأيت عينيه مغرورقتين ، تلك كانت من المرات النادرة جدا التي رأيت فيها والدي دامعا ، سألته ماذا كان يجري وما المشكلة ؟ وماذا كانت تلك الأصوات ولم نرى كل تلك الطائرات تحلق فوق رؤوسنا ، شرح لي بصبر ان الاسرائيلين يحاولون قصف المقاتلين الفلسطينين الذين يعيشون في الاردن ، لم أكن ادرك في تلك السن المبكرة معنى المقاتلين او لماذا كان الاسرائيليون يحاولون قتلهم ، ولكن كل ما فهمته هو ان الوضع سيء ، فبدل ان يستهدفوا مواقع عسكرية محددة ، كان الاسرائيليون يقصفون تجمعات سكنية مكتظة بالعائلات ويدمرون الطرقات والمنازل
كثيرا ما كانوا يطلقون ذخائر لا تنفجر في حينها ، وقد اخبرني والدي عن فتاة صغيرة كانت قد حسبت ان الخطر قد زال فاقتربت من احد القنابل التي ما لبثت ان انفجرت بها ، سارع والدي لسحبها من بين الركام ، لكنه حين اخرجها وجد ان إصابته كانت بالغة جدا ، كانت قد فقدت احدى ساقيها ، حملها بين ذراعيه بلطف وأسرع بها نحو سيارة اسعاف كانت قريبة ، لكن الأجل عاجلها وماتت بين يديه .
كنا نسكن في مجمع صغير تحيط به الأشجار في منطقة تدعى الحمّر تبعد نحو عشرين دقيقة صعودا نحو التلال في احدى ضواحي عمان ، هذه العزلة النسبية منحتنا شيئا من الحماية من اولئك الذين يريدون بِنَا شرا ، لكن ليس من الطائرات الاسرائيلية لحماية أنفسنا من تلك الطائرات ، كان علينا ان نعتمد على أربعة مدافع رباعية من عيار خمسين مليمترا منصوبة على ابراج في حديقة القصر ، كان الجنود الذين يتولون السهر على تلك المدافع وتشغيلها عند الحاجة ، من اللطف بحيث اشعرونا انا وشقيقي فيصل الذي كان في الرابعة من عمره ، بأننا جزء لا يتجزا من الجهد الدفاعي عن القصر ، كانت مهمتنا ان نحمل أوعية الزيت لتزييت المدافع اذا ما أطلقت منها النار ، كنا نستمتع كثيرا بالقيام بهذا الدور باعتبارنا اصغر الأعضاء سنا في وحدة الدفاع العسكرية ، هذه المهمه وضع لها حد نهائي فجأة بعد ان اطلع احدهم والدتي على صورة أبدو فيها مع شقيقي فيصل في وضع استعراضي الى جانب المدافع والسيجارة تتدلى من فم كل منا ، والدتي لا تزال تسكن في ذلك المنزل لكن الارض التي كانت المدافع منصوبة فيها هي اليوم بستان لزراعة الخضار ، والمكان الذي كان احد المدافع منصوبه فيه هو اليوم كومة من الاسمدة الزراعية
#الملك عبدلله الثاني
#فرصتنا_الاخيرة