الثقافة الى اين ؟ والى متى ؟

جفرا نيوز - د. عبدالمهدي القطامين حالة الإخفاق الثقافي التي تعيشها وزارة الثقافة وغيابها عن صناعة الوعي الثقافي للنخب والاجيال في ظل هذا الصراع الفكري الذي نعيش يجعلنا مرة اخرى نتساءل عن جدوى وجود وزارة يقتصر عملها على قص شريط هنا وافتتاح معرض هناك في حركات كرنفالية ينبغي ان لا تكون هي مهمة المؤسسة الثقافية المعنية بتحصين الجيل وتعميق المواجهة مع قوى التطرف والارهاب وحتى مع قوى المخدرات التي باتت تعصف في الجيل حتى افقدته مبررات وجوده .
ان حالنا كحال بقية الدول الواقعة في هذا الاقليم الملتهب فنحن نتواجد في اتون معركة يقودها متطرفون ودعاة فكر ظلامي ودعاة اهلاك مجتمع من جهة وبين قوى خارجية من جهة اخرى ترى في نبض الشباب قوة قادرة على التغيير ينبغي لها ان لا تكون لان اي تغيير في دول العالم الثالث يصب في غير اتجاه النظم الحاكمة التي استمرأت ان تظل الامة منبتة عن جذورها واهية متعلقة بثقافة الغرب الاستهلاكية ومثله وقيمه التي ليس اخرها ان يصول المثليون في شوارعنا ويطالبون بحقوق دون خيفة من احد .
مآلات وزارة الثقافة التي آلت اليها من الظلم ان نحملها لوزير يقودها حاليا ودون ان نعفيه من مسؤولية النزول الى الشارع ومحاورة الاجيال على قاعدة حتى افهمك يجب ان تفهمني وهو ما لا تقوم به الوزارة حاليا وما لم تقم به في عهود سابقة ليظل عملها احتفالا كرنفاليا لا يغني ولا يسمن من جوع .
وزارة الثقافة الراعي الرسمي المفترض لثقافة الوطن باتت اليوم قبل الغد بحاجة الى مراجعة شاملة لعملها وفلسفة وجودها ومبررات بقائها ومعالجة اختلالات الراهن المثقل بالخيبات والا ما معنى ان تصمت الوزارة ومعها وزارات التوجيه الاخرى عن ظاهرة تفشي المخدرات في المجتمعات الريفية والمدنية على حد سواء ونماء ظاهرة التطرف الفكري الراديكالي الذي ينمو بصمت وبدون ضجيج ليصبح قوة ضاغطة على المجتمع ومؤسساته ونظمه وان صح ما توصل اليه احد مراكز الدراسات في استطلاع او استبيان له اجراه قبل عامين تبين فيه ان اكثر من 280 االف مواطن يؤيدون او يتعاطفون مع داعش والنصرة والجيوش التي تحمل من الاسلام اسمه فقط وتمارس انواعا من التشويه للدين والدنيا والحضارة معا اقول ان صحت هذه النتائج فنحن امام ازمة فكرية كبرى يبنغي على الدولة ان تهرع لمعالجتها قبل فوات الاوان .
من يقول ان الدنيا لدينا قمرا وربيع هو مخدوع بكل الاحوال ومن يزعم اننا في احسن حال هو مثل النعامة التي لا ترى ما حولها ومن يقول اننا نسير بالاتجاه الصحيح هو مثقل بالوهم وينبغي له ان ينظر بعين واعية الى ما يمور في المجتمع من تغيرات تشكل قنابل موقوتة على المدى المتوسط والبعيد .
وزارة الثقافة يجب ان تكون لكل الناس وان لا ينحصر دورها في نخب استهلكت في البحث عن معنى الكلام في عصر فيه الحدث هو الاقوى وليس مجرد الكلام وحده وهذا التكريس والتمترس لصالح فئة معينة من المجتمع هو نهج قاتل من شأنه اجترار النهج دون وجود فعل حقيقي قادر على ايصال رسالتنا الفكرية والثقافية ليس للاخرين فقط ولكن لمن هم في ريفنا وباديتنا الذين يعانون من الفراغ الفكري وتفشي البطالة والفقر والتي هي بمجلمها فتيل المواجهة الفكرية ومغذية التطرف والانجرار نحو تغيير عنيف لا يمكن التنبؤء بنتائجه ان اشتعل فتيلة .
اخيرا اقول للثقافة وغيرها من وزارات التوجيه ان البقاء في مربع الكرنفالية هو بقاء قاتل والناس تحتاج في كل تجمع سكاني الى من يحاورهم ومن يغذي فيهم روح الوطنية التي تكاد تزهق امام ضغط المعيشة وضنك الحياة ومساحات الفراغ التي ان لم تملأ بما هو خير ستملآ حتما بما هو شر ونحن في غنى عن كل ذلك اذا بادرنا بالتحرك نحو تاسيس قاعدة فكرية تحاور وتناقش وتلتقي مع المعذبين في الارض في المنطقة الوسطى التي هي دائما خير بدلا من الالتقاء في منطقة التطرف التي هي دائما شر .
الله فاشهد .... اللهم اني قد بلغت .