ما أشبه الليلة بربع قرن مضى!

جفرا نيوز- كتب: معالي محمد داودية

السياسيين والكتاب والاقتصاديين.

رتبنا اللقاء، سمير حباشنة وأنا، بالتنسيق مع ليلى شرف وحددنا الاسماء التي ستحضر اللقاء. كان الملك يريد ان يستمع مباشرة الى طروحات الجيل الأردني الجديد.

حضر الملك المهيب يرافقه الأمير الأنيق زيد بن شاكر.

وقف الملك بقرب النافذة الغربية للصالون المشرف، واطلق ناظريه نحو الغرب، نحو القدس. كان يتنهد. تحدث الملك عن القدس بشاعرية وشغف ووجد. قال انها تسكن في قلب كل مسلم. وقال انها غصة العمر.

تحدث الملك عن الديمقراطية فقال ارجو من الاعلام والاحزاب والاعيان والنواب والمفكرين، ان لا يستخدموا مصطلح «التجربة الديمقراطية» فنحن لا نجرب. الديمقراطية خيارنا النهائي في هذا الوطن.

تسعفني الذاكرة الآن بأسماء عدد من الحضور، الذين توليت أنا وسمير دعوتهم إلى اللقاء:

علي ابو الراغب وممدوح العبادي وصالح ارشيدات ومؤنس الرزاز وإبراهيم العبسي ومازن الساكت وزياد المطارنة واحمد الهباهبة وسامي المصري ومحمد القيسي وماجد عنبتاوي وسمير ابوهلالة.

تحدث كل واحد من الحضور بإيجاز، في موضوع مكثف محدد. علي أبو الراغب تحدث عن الضرورة الملحة لعقد مؤتمر اقتصادي وطني، فأثار حديثه اهتمام الملك.

كان حديثي عن آخر خطبة جمعة سمعتها في أحد المساجد في شارع عبدالله غوشة، شتم فيها الخطيب الأحزاب والمسيحيين قائلا: البعثيون كفرة. الحزبيون كفرة. المسيحيون كفرة.

قلت يا سيدنا، أولا انا لست حزبيا. ثانيا هذه الخطبة ضد الدستور والقانون والوحدة الوطنية والتعددية السياسية والدينية. فالاحزاب رخّصها سيدنا حسب القانون، وغاياتها ووسائلها سلمية، والذي يجري انه يتم تكفيرها وشيطنتها بمنهجية وانتظام.

التفت الملك الى الامير ابي شاكر، الذي ارسل اليّ إشارة ملمحا الى انه سيراني لاحقا للاستزادة حول الموضوع. وهو ما تم.

 في عام 2016 استمعنا، أخي موسى الطراونة وأنا، الى خطبة جمعة في أحد مساجد خلدا حيث نسكن، جاءت مماثلة «موحدة» وطبق الأصل لخطبة 1990!! والمرعب فيها، ان الخطيب دعا عبر مكبرات الصوت على المسيحيين والنصارى بالهلاك، وهو يعرف ان في الحي مسيحيين، يسمعون شتيمتهم هم واطفالهم.

أبلغت وزير الاوقاف الأسبق الصديق د.هايل داود الذي حقق في الموضوع وابلغني ان الخطيب احضر عدة شهود ينفون ما نسبت اليه.  الخطيب الكاذب، طلّعني كذابا. وها انا أقول اليوم، الا لعنة الله على الكاذب وعلى شهود الزور.

وفي مسجد بوادي موسى، البلدة الغالية على قلبي، بلدة اللياثنة كرام الناس، صلينا الجمعة في 2017.5.19  بصحبة محمد النوافلة رئيس سلطة إقليم البتراء ومحمد حسن التل رئيس تحرير الدستور والاصدقاء د.حسين العموش وموسى الطراونة وصلاح الطموني وعيسى العمري وياسر عواد وعبد الرحمن البدور واحمد الخوالدة ورياض القاسم وهايل العبيديين وعبدالكريم ملكاوي وعيسى صالح ومحمد عيسى ويزن حسن وسعد الطموني.

وهناك أيضا في وادي موسى، دعا الخطيب بأعلى صوت، بالهلاك على إخواننا المسيحيين !!

هل كانت خطبة الدعاء بالهلاك على إخواننا المسيحيين، في وادي موسى، في سياق خطبة الجمعة الموحدة !!

فلتمارس وزارة الأوقاف دورها بسرعة وبقوة، لشكم القلة من الخطباء، الذين يسيؤون الى منبر رسول الله ويسخرونه لثقافتهم الاقصائية.

وفي الوقت الذي يأمر ملكنا الهاشمي الحبيب، بتنكيس الاعلام على الديوان الملكي، تعبيرا عن التضامن مع شعب مصر العظيم، وردا على اغتيال أطفال اقباط مصر، الذين خاضوا معارك الامة وقدموا الشهداء في بورسعيد 1956 وحزيران 1967 وحرب رمضان 1973 ، نقرأ على منصات التواصل الاجتماعي، تعليقات تفيض كراهية وبغضا وتشمت بالضحايا وتؤيد المجزرة.

 خطاب الكراهية المتفشي هذا، يدفع الشباب سطحيي التدين، الى الغلو والعنف والإرهاب وزعزعة الوحدة الوطنية والسلم الأهلي.

هذا الجهل والتغرير والتضليل والبغضاء والكراهية وتأييد الارهاب الاعمى وضرب الوحدة الوطنية والخروج على القانون، يحتاج منا الى إنشاء أمن خاص، وتوسيع ما هو موجود، ليتولى ضبط استخدام منصات التواصل الاجتماعي، ضبطا محكما، وليقدم للنيابة العامة، البيانات التي تكفل محاسبة منتهكي القانون والدستور وردعهم.

لا يجب ان نتهاون فنأخذ خطابات الكراهية على محمل البراءة والخلو من الهدف والتخطيط والغرض الجرمي.